«على كل من لديه نظرة سلبية تجاه التعليم الفني مراجعة نفسه؛ لكون هذا النوع من التعليم يمثل مستقبل سوق العمل بالدولة، ويعد بداية طريق النجاح للباحثين عن التميز».. جملة اتفق عليها مسؤولو ومعلمو وطلبة المدارس والمعاهد الفنية في الدولة، معتبرين أن هذا النوع من التعليم بات بوابة المستقبل لتوظيف الطلبة المواطنين من أصحاب المهارات في مجالات تحتاج الدولة إليها.
وأجمعوا على أن مسابقة المهارات العالمية التي تنطلق في أبوظبي اليوم الأحد، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ستؤدي إلى رفع الوعي بين الشباب، وتشجعهم على الالتحاق بالتعليم التقني والمهارات المهنية لريادة الأعمال، أو لتحسين مسارهم المهني، مؤكدين أن المسابقة منصة ابتكارية تربط الطلبة بسوق العمل.
وانطلقت أمس في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017، التي تقام للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمشاركة 1300 متسابق من 77 دولة، وحضور 100 ألف زائر من داخل الدولة، ونحو 10 آلاف من الخارج.
قال مبارك سعيد الشامسي مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني: إن استراتيجية المركز تعمل على إرساء مبادئ التعليم التكنولوجي والتقني وتشجع الشباب على الابتكار والإبداع في مختلف التخصصات الهندسية والمهنية والتكنولوجية، التي تتوافق مع متطلبات النمو الصناعي الذي تشهده الدولة، مشيراً إلى أن مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017، والتي تم الانتهاء من كافة التجهيزات لها ستؤدي إلى رفع الوعي بين الشباب وتشجعهم على الالتحاق بالتعليم التقني والمهارات المهنية لريادة الأعمال، أو لتحسين مسارهم المهني، وفقاً للرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي.
تحفيز الإبداع
وأفاد الدكتور عبد الرحمن جاسم الحمادي مدير عام معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني، بأن مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017، التي تنطلق لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشكل أهمية كبرى في تحفيز الإبداع لدى الشباب، وتنمية روح التفوق والابتكار، بما يتماشى مع توجهات الدولة في بناء الكوادر الوطنية.
وأضاف أن معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني يعمل يداً بيد مع أرباب العمل وقادة القطاعات؛ لتشكيل برامج ودورات متخصصة في مجال الصناعة والأعمال بمختلف إمارات الدولة، بهدف ضمان جاهزية خريجي المعهد للوفاء بمتطلبات المؤسسات والشركات التجارية المحلية.
وأوضح أهمية العلاقة الوثيقة مع قطاع الأعمال والصناعات المختلفة، التي تمكننا من إيصال رؤيتنا بنجاح عالٍ، وتوفير المتطلبات المهنية والتعليمية التي يحتاجها طلابنا لتلبية احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، وأن المعهد يطرح تخصصات تفيد كافة القطاعات الاقتصادية والصناعية، التي ترتقي بالمواطن الإماراتي من الجانب التعليمي، وتدرّبه مهنياً لتمكنه من الحصول على فرص عمل لخدمة القطاعات الحيوية بالدولة، مؤكداً على الدور المحوري الذي يقوم به المعهد للمساهمة في تنمية القطاع الصناعي، وتحفيز الطلبة على الانخراط بالعمل فيه، وتنمية قدراتهم ومهاراتهم الفنية بأعلى المعايير الدراسية والمهنية، خاصة أن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تولي اهتماماً كبيراً لتمكين الشباب، وتزويدهم بالمهارات والكفاءات اللازمة لسوق العمل.
مهارات وظيفية
وثمن سالم عجيف الزعابي مدير مركز التعليم والتطوير المهني دور الدولة والتوجه الحكومي في دعم التعليم الفني، لافتاً إلى أن هذا التوجه يُكسب الشباب مهارات وظيفية مباشرة في وقت قليل، تؤهلهم للدخول مباشرة في سوق العمل.
وأكد أن مسابقة المهارات فرصة جيدة لتحفيز وتشجيع الشباب للانخراط في التعليم الفني بشكل أوسع، وبنظرة عصرية تتماشى مع تقنيات القرن الواحد والعشرين، الذي يثبت كل يوم عمق تغلغل التقنية الجديدة في المهارات الفنية.
مواجهة التحديات
وهو ما أجمع عليه عدد من معلمي المدارس والمعاهد الفنية في أبوظبي؛ إذ قالت بسمة فريحات، مدرسة بأحد المعاهد الفنية: «إن التعليم المهني يعتمد بشكل كبير على البحث والتدقيق، ويستهدف تأهيل الطلاب لسوق العمل بشكل مباشر، ومن ثم فكل من ينظر إلي التعليم الفني بنظرة سلبية أؤكد له أن هذا النوع من التعليم تتوافر فيه مزايا لا يتمتع بها التعليم التقليدي؛ لكون طلابه يحظون بالمعرفة والتدريب فور التحاقهم بالمعهد في تخصصاتهم»، لافتة إلى أن كافة التخصصات الموجودة في المعهد الفني في أبوظبي وجميع المعاهد التابعة له، تم اختيارها بناءً على شراكات مع المجتمع المحلي ومتطلبات سوق العمل.
وعن مناهج التعليم الفني قالت: لدينا وحدة مناهج خاصة بالمعهد تضع المناهج والبرامج وفق متطلبات سوق العمل والخبرات التي يحتاجها، ليكون الخريج مؤهلاً بشكل كافٍ للوظيفة المطلوبة في تخصصه، بالإضافة إلى الاهتمام بتدريبهم على أخلاقيات العمل وبعض المهارات المطلوبة، مثل مهارات التقديم والعرض والتواصل، كما يتم إعداد الطلاب نفسياً؛ لمواجهة التحديات التي من المتوقع أن يواجهوها في حياتهم العملية.
وأشارت إلى أن النظرة من بعض الناس تجاه التعليم المهني تغيرت كثيراً، و لم تعد مثل السابق، قائلة: «أرى طلابنا ينافسون في ميدان العمل بقوة، فالشهادة وحدها لا تبني شيئاً دون الحصول على التدريب الكافي، الذي يكون ممراً لتحقيق النجاح في سوق العمل».
وأضافت: هناك فكر جديد يسود بين مواطني الدولة بشأن امتهان الوظائف المختلفة، نحن شاركنا من قبل في مبادرة «نعم للعمل» مع مجموعة من الطلبة الذين كنت أشرف عليهم، واشتركوا بالعمل في الأفران والمخابز، وفق برنامج تدريبي محدد، ورأيتهم يتقبلون العمل في كافة المهن، وفقاً لمبادرات الدولة التي تدعو إلى الاعتماد على الكوادر الوطنية من الشباب.
واعتبرت مسابقة المهارات العالمية فرصة كبيرة لتبادل الخبرات وإبراز النماذج المشرفة، مؤكدة أنه حدث يدعو للفخر فعلياً؛ لكونه يبرز الكفاءات الوطنية والطلبة المبدعين والمبتكرين.
الميدان العملي
بدوره قال محمد سامي، معلم بأحد المعاهد الفنية: معظمنا لا يتذكر ما درسه من مقدمات نظرية في الجامعات، ولكن الطالب الذي يحصل على جرعة مكثفة من التدريب والمحاكاة الفعلية لواقع العمل في مجال تخصصه يكون مؤهلاً أكثر للمنافسة في الميدان العملي.
وأشار إلى أن أكثر التخصصات المطلوبة التي يقبل عليها الشباب حالياً، تتمثل في «المالتيميديا» والتخصصات التقنية، بالإضافة إلى تخصص السلامة والصحة المهنية، موضحاً أن كل معهد يُخرّج ما يقارب من 300-500 طالب سنوياً في تخصصات مختلفة، وإن كان إقبال الفتيات أكبر إلى حد ما من الشباب بحسب تقديره.
واعتبر مسابقة المهارات «فرصة تكشف تميز الطلاب، ومنصة مثالية لعرض أفكارهم وابتكاراتهم وتبادل الخبرات من خلال مشاركة طلاب من مختلف بلدان العالم، والاطلاع على تجاربهم في التعليم».
متطلبات سوق العمل
فيما قالت صالحة الجنيبي، طالبة بمعهد الجزيرة للتعليم الفني: اخترت الانضمام للتعليم الفني بدلاً من الاستمرار في الدراسة التقليدية، حيث كنت أعاني صعوبة في الدراسة الأكاديمية، ولم يكن من السهل الاستمرار فيها، ولذلك توجهت إلى ما أحب، حيث اخترت تخصص المالتيميديا؛ لأنه يتناسب مع ميولي واهتماماتي، كما أن مجال العمل فيه واسع ومتشعب. ورأت أن المعهد وفّر عليها الوقت والمجهود للوصول إلى متطلبات سوق العمل، لافتة إلى أن دراستها في المعهد تركز على الجانب العملي أكثر من الدراسة النظرية.
الابتكار
فيما رأى زميلها ماجد السويدي، طالب في تخصص البيئة والصحة والسلامة، أن التعليم الفني الذي تتيحه الدولة لطلابها يعد فرصة للابتعاد عن التعليم التقليدي، ويمنح الفرصة للانطلاق والابتكار.
التحضير العملي
وأكدت خلود الشكيلي، طالبة في تخصص إدارة مشاريع، أن تجربتها مع المعهد الفني مختلفة إلى حد ما، حيث إنها بعد الانتهاء من الدراسة بالمرحلة الثانوية والتوقف لفترة قررت استكمال دراستها في إحدى الجامعات، التي تقدم برامج أكاديمية عادية، لكنها لم تتمكن من استيفاء شرط القبول الخاص بالحصول على شهادة «آيلتس»، مشددة على أنها لم تستسلم وواصلت البحث عن المكان المناسب الذي تكمل فيه دراستها.
وقالت: عندما سمعت عن المعهد الفني اخترت دراسة إدارة المشاريع؛ لأنه مجال يتناسب مع طموحاتي وخططي المستقبلية في افتتاح مشروع خاص بي، لافتة إلى أن ما يميز التعليم المهني هو حصول الطالب على التدريب والتحضير العملي بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، ولا يقوم على الحفظ والتلقين. و قالت: «كل شخص له تفكيره وطريقته، وأنا لا يهمني الشهادة ونوعها، بقدر ما يهمني التدريب الذي أحصل عليه فعلياً، ويؤهلني لسوق العمل بشكل جيد».
التعليم
واعتبرت بينة الكربي طالبة في تخصص بيئة وسلامة أن المعلومات التي يحصل عليها الطالب في سنة واحدة في أي معهد فني أو مهني تعادل ما يحصل عليه الطالب في النظام الأكاديمي العادي، خلال أربع سنوات.
متسابقون: نتعهد بالتمثيل المشرف للإمارات
التقت «الخليج» عدداً من الطلبة المواطنين المشاركين في مسابقة (مهارات أبوظبي العالمية 2017)، حيث أعربوا عن سعادتهم البالغة بالالتحاق بالتعليم المهني، معتبرين إيّاه الأنسب لطموحاتهم العملية والعلمية.
وأجمعوا على أن اشتراكهم في المسابقة سيمنحهم المزيد من الخبرات في مجالات تخصصاتهم؛ نظراً لاحتكاكهم المباشر بنظرائهم من مختلف دول العالم، متعهدين بأنهم سيبذلون كل ما يملكونه من جهد لتحقيق مراكز متقدمة في المسابقة؛ ليكونوا خير ممثلين للإمارات.
ويشارك 34 شاباً وفتاة من مواطني الدولة في مسابقة (مهارات أبوظبي 2017)، عبر 31 مهارة، من إجمالي مجالات التنافس في المسابقة، والتي تصل إلى 51 مهارة مختلفة في 6 فئات تشملها المسابقة.
وقال المتسابق سعيد الحوسني، الذي يشارك في المسابقة في مجال تكنولوجيا السيارات: لدي شغف بالسيارات منذ الصغر، وأسعى لأن يكون ذلك مجال عملي في المستقبل، وأرى أن مسابقة المهارات العالمية ستمكنني من صقل مهارتي وتحقيق طموحي.
فيما أكدت المتسابقة كفاح علي المنذري، أنها اختارت الدراسة والتدريب في مجال التمريض بعد أن اكتشفت حبها لهذه المهنة، خلال قيامها بتمريض خالتها، معتبرة أن مهنة التمريض مجزية وجاذبة؛ لأنها تساعد الناس، وقالت: أتمنى أن تكون مشاركتي في المسابقة ناجحة، وأن أمثل بلدي بشكل جيد.
بدورها أشارت حصة الشواب، متسابقة في مجال تصميم الأزياء، إلى أن الاشتراك في المسابقة منحها الفرصة للتوسع في مجال تصميم الأزياء، وتعلم تقنيات جديدة قائلة: المسابقة ستساعدني على أن أكون ناجحة، ومن يُرِدْ أن تكون لديه خبرة في مجال التصميم فعليه الالتحاق بمعهد الأزياء الذي تدربت فيه، وأصبحت أمتلك خبرة كبيرة تؤهلني لاقتحام سوق العمل واكتساب الثقة بالذات.
وأوضح علي أحمد الكشواني، متسابق في مجال الدهان والديكور، أن الحصول على جائزة في المسابقة ليس هدفه الوحيد، قائلاً: أشارك في المسابقة، سواء حصلت على ميدالية أو لم أحصل، فيكفيني أن أقوم بتمثيل وطني على أكمل وجه، وهو شرف كبير بالنسبة لي، ولكني سأجتهد لأنافس بقوة، آملاً الحصول على ميدالية ذهبية.