شعور الطلبة بالإحباط النفسي في المذاكرة، من أكثر المشاعر التي تنعكس سلباً على العملية التعليمية، ويقود إلى الفشل، عندما تصبح علاقة الطالب بالكتاب المدرسي سيئة وغير واضحة، وغالباً ما يتركه ويهمله، وبذلك تتكون فجوة كبيرة بين الطالب وعملية التحصيل والدراسة ككل، ولتحصن الطالب من السير في دائرة مفرغة من التفكير، تدفعه للغياب المدرسي، يحتاج للدعم النفسي والتوجيه الدراسي في المدرسة والمنزل.
أطلقت وزارة التربية والتعليم برنامج «تمكين» يستهدف الطلبة المحبطين الراسبين في ثلاث مواد أو أقل، وافتقدوا المهارات خلال العام الدراسي الماضي، بسبب تكرار غيابهم، ويعمل البرنامج على إجراء الربط بينهم وبين المدرسة منذ بداية العام الدراسي الجديد، للتغلب على الإحباط النفسي وسلوك الغياب المتراكم وتعزيز وجود ارتباط ودافعية لديهم لعملية التعليم والتعلم.
وأكدت الوزارة أن كل هذه الإجراءات تأتي ضمن منظومة المدرسة الإماراتية، والتي تستهدف تحقيق أهداف الأجندة الوطنية، واستراتيجيات الدولة على المديين القصير والطويل.
وكشفت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن السياسة الوطنية للصحة النفسية الجديدة المزمع العمل بها، تتضمن إجراءات وخيارات تنفيذية للوقاية من الاضطرابات النفسية في المجتمع، وتشمل هذه الخيارات والإجراءات، وضع برامج مدرسية للتعزيز والوقاية.
الحياة التعليمية
وأكد خبراء تربويون أن الإحباط مشكلة نفسية يعانيها بعض الطلبة، وتعود لتناقض الطموحات والتوقعات مع الحياة التعليمية للطلبة في الأسرة والمدرسة، وأساليب تدريس لا تتناسب مع شخصية الطالب، بالإضافة لغياب الإرشاد الاجتماعي والنفسي للطلبة، وضعف التواصل المهني بين المدرسة والأسرة.
ويعترف خبراء التربية والصحة النفسية أن هناك مشكلة كبيرة في مدارسنا، حيث يعاني طلابنا إحباطاً نفسياً يقود إلى الغياب المدرسي، يتسبب فيه أولياء الأمور، «الأسرة» والمدرسة.
لإرشاد الأكاديمي
ويتفق الدكتور سالم زايد الطنيجي الأستاذ بكليات التقنية العليا، مع ما سبق، بل يضيف عليه: نلمس اليوم اهتماماً كبيراً بعمليات الإرشاد الأكاديمي والمهني للطلبة، ولكننا لا نرى اهتماماً مماثلاً بالإرشاد الاجتماعي والنفسي لطلابنا، وحتى بين أفراد المجتمع، فقليلاً ما نرى أن تلجأ أطراف العملية التربوية لاختصاصي أو مرشد لمساعدته في حل إحدى المشكلات الحياتية للطالب.
العقل البشري
وتناول الخبير التربوي علي سيف حميد الجنيد، الأسباب التي تلعب دوراً كبيراً في الإحباط النفسي للطالب، والتي تحدث عندما يشعر الأبناء بالعجز نحو تحديد والديهم سقفاً معيناً للإنجاز الدراسي، وقال: المطلوب تربوياً أن يتمتع الوالدان بالمعرفة التربوية اللازمة لمستويات أبنائهما، وتشجيعهما لتطويرها تدريجياً، مع الأخذ بالحسبان أنها قد تتقدم حيناً وتتراجع حيناً آخر، محذراً من المقارنة بين ابن وآخر، والتمييز في معاملة الوالدية بين الأبناء، وعدم التوازن في المسؤولية الأسرية تجاههم، لأنها تنتج طاقة سلبية في المنزل، وتدفع الطالب للملل والإحباط والكراهية أحياناً، وتجعله يلجأ إلى الغياب المدرسي حتى يهرب من هذا الواقع الذي يكره أن يكون جزءاً منه.
أساليب التدريس
وانتقد الخبير التربوي محمد راشد رشود، أساليب التدريس التي لا تتناسب مع شخصية الطالب، واعتبرها من أهم أسباب الإحباط الذي يقود إلى الغياب، لأن الطلبة في احتياج للتشويق والتحفيز نحو الوصول للحقائق وإتقان كسب المعلومات البنائية والتطويرية للعقل البشري.
العلامات المميزة
ونبه الدكتور جلال حاتم رئيس الكلية الإماراتية الكندية الجامعية في أم القيوين، إلى العواقب الوخيمة التي تنتج عن ضعف التواصل المهني مع الأسرة، لأن العديد من حالات الإحباط ناتجة عن غياب ولي الأمر، وعدم تواصله مع المدرسة، ويرى أن التواصل المهني من قبل المدرسة مع الأسرة، من خلال كراسة الملاحظات اليومية أو اجتماع أولياء الأمور، له أهمية بالغة، لأنه بمثابة خطة بنائية للوعي المشترك لواقع مستوى الطالب وسبل تحفيز الإنجاز والتطور، وإحساس بالأهمية والاهتمام الإيجابي.