وصلت أسعار بعض الحقائب إلى مبالغ باهظة جداً تخطت الألف درهم، خاصة الماركات العالمية منها، وهذا الأمر يولد ضغطاً نفسياً على بعض الطلبة غير القادرين مادياً على شرائها مجاراة لزملائهم في المدرسة، ويحرج أولياء الأمور الذين يجدون صعوبة في شرائها.
قد يكون توحيد الحقائب المدرسية هو الحل الأنسب، حفاظاً على الصحة النفسية والجسدية للطلبة، على أن تتولى حل هذه القضية وزارتا التربية والتعليم، والصحة، وتعملان على توزيع حقائب ذات شكل وقيمة موحدة، كما هو الأمر مع الزي المدرسي الموحد، والكتب، والقرطاسية التي توزع مع بداية كل سنة، وأن تضع تصاميم معينة لكل المراحل الدراسية، وتختار مواصفات لا تضر الطلبة جسدياً، والأهم من ذلك أن تكون أسعارها متاحة أمام جميع الفئات.
والهدف من هذه الإجراءات عدم إحراج بعض الطلبة الذين لا يستطيعون مجاراة أقرانهم بحقائبهم باهظة الثمن، وذات الماركات العالمية، وكذلك منعاً للضغط الذي يمارسه هؤلاء الطلبة على أهاليهم لشرائها أسوة بغيرهم.
الحقيبة الماركة
«لم أستطع رفض طلبها».. تقول دارين حداد، موظفة، وأم لثلاث فتيات، طلبت منها البنت الكبرى الطالبة في الصف العاشر شراء حقيبة ذات ماركة معينة، وعندما تململت الأم وهي تراجع مع نفسها الأقساط المدرسية، والقسط البنكي، والفواتير الشهرية، بدأت الأخيرة بالبكاء، متحججة بأن صديقاتها لديهن حقائب فخمة، وذات ماركات، وهي الوحيدة بينهن حقيبتها عادية، بل وذهبت إلى أكثر من ذلك مهددة بعدم الذهاب إلى المدرسة إلا مع «الشنطة الماركة».
يشتري الأغلى
وفي إحدى المدارس الخاصة، والتي يتفاخر طلبتها بأن حقائبهم المدرسية تعد الأغلى سعراً، والأحدث موديلاً، يعتبر الطلبة - وإن كانوا على خطأ- أن من لا يمتلك حقيبة ذات ماركة عالمية محددة، هو أقل شأناً منهم، وبالتالي يرفضون اللعب معهم، ومصادقته، وحين اعترضت أم ذلك الطفل المدلل على ارتفاع سعر الحقيبة التي يريد شراءها ليكون مثل أصحابه، وقالت لطفلها إن حقيبته ماركة أيضاً، ولكنها أقل شهرة وثمناً من «ذات القرد» التي يتباهون بشرائها، اعترض على كلامها، وقال إن من يضع أبنه في هذه المدرسة عليه أن يشتري الأغلى!
صعوبات كثيرة
ويشرح أحد الباحثين الاجتماعيين، محمد عوض، أن المراكز التجارية لها دور كبير في هذه القضية، وأيضاً حسب مستوى المكان تثمن هذه الحقائب كغيرها من البضائع، وتختلف سعر الواحدة من مكتبة إلى أخرى، وبحسب ماركتها العالمية، أو الوطنية، أو الآسيوية، إلى آخره، ولكن المشكلة الأكبر تكمن عند الأهل الذين يتكبدون مصاريف لا تعد، ولا تحصى، خاصة في ظل الغلاء، وبين إرضاء أولادهم، وتوفير أقل حقوقهم بالحصول على حقيبة يحبونها، تكون حيرتهم الكبرى.
وينصح أولياء الأمور بضرورة الجلوس مع أولادهم وتوعيتهم أولاً بالوضع المادي للأسرة، وثانياً توعيتهم بما هو مهم، وما هو أهم من الحقيبة المدرسية، وأن هناك أولويات في الحياة لأن الشريحة التي تهتم بالمظاهر لا تكون في سن صغيرة لكون هؤلاء لا يميزون بين الغالي والرخيص، والماركات الأصلية ونظيرتها المقلدة، بل هم الأكبر سناً بدءاً من سن التاسعة فما فوق، ما يعني انهم قادرون على الاستيعاب والفهم بوضع الأسرة ومقدرتها الشرائية.
توحيد الحقائب
تعليقاً على هذه القضية تمنت فوزية غريب وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع العمليات التربوية، أن يصار إلى قرار يوحد الحقائب المدرسية، وأن تتولى وزارتا التربية والتعليم والصحة وضع مواصفات هذه الحقيبة كي لا تضر بصحة الطالب. وأكدت أن الكثير من المدارس الخاصة تعتمد هذا النظام الذي رأته ناجحاً، لمنع الحرج لدى الطلبة غير المقتدرين.
وعليه، تقترح خاصة على مستوى المدارس الحكومية، وكما يتم توزيع الكتب والزي المدرسي على الطلبة مع بداية كل عام، أن توزع عليهم الحقائب المدرسية، وبالتالي تمنت على إدارات التعليم الخاص دراسة هذا الاقتراح.
وهذه القضية سوف تنسحب على مسائل أخرى لدى الطالب، فعلى سبيل المثال عندما سيرى زميله يركب في سيارة والده الفخمة سيتمرد على أهله ويطالبهم بسيارة مماثلة كي لا يكون موضع سخرية، أو شفقة من أحد.
وتختم بالتنويه بضرورة أن تتناول المناهج الدراسية الثقافة الاجتماعية والاقتصادية ومراعاة الفوارق، وثقافة الابتعاد عن العادات غير المجدية والمظاهر غير المفيدة، والاهتمام بالدراسة، لأن المدارس هي مكان للعلم والاستفادة وليس لاستعراض الحقائب والسيارات.