مواجهة العقبات أمر وارد في مسيرة العمل بمختلف قطاعاته، وتتفاوت تلك العقبات بحسب الظروف المحيطة، وقدرة القائمين على كل قطاع على التصدي لها، وتخطيها بالشكل الذي لا يعيق عملية التقدم، وعليه فإن المرونة في اتخاذ القرارات، والتعامل مع مجريات الأمور، تأتي بحسب حجم العراقيل التي قد تقف عائقاً في وجه مسيرة العمل، وكلما كانت المرونة في تقبل التغيير ممكنة، زادت الفرصة في تفادي العقبات وحلها دون تأخر أو انقطاع.
لذا كانت المرونة هي ما استندت إليه وزارة التربية والتعليم، في قرار تقديم موعد اختبارات الفصل الدراسي الثالث، للصف الثاني عشر بشقيه العلمي والأدبي، في مدارس التعليم العام والخاص المطبق لمنهاج الوزارة، وهو ما لاقى استحسان طلبة الثانوية العامة، لما فيه من تحقيق لمصلحة الطلبة، والعمل على تقليل الضغوط عنهم.
التحقيق التالي يستعرض مدى إمكانية الميدان التربوي للتأقلم مع القرار، والتبعات المصاحبة له على الطلبة والمعلمين.
يقول فهد محمد النقبي، طالب في القسم العلمي، «قرار تقديم موعد اختبارات الثانوية قرار صائب لما فيه من خدمة الطلاب، وعليه يجب أن نحاول بقدر الإمكان خلال الأسابيع الأولى من الفصل الثالث، بذل الجهد وتكثيف الساعات الدراسية، فالتعب حالياً يقلل من وطأة التوتر في الأسابيع الأخيرة من الدراسة لاقترابها من موعد الاختبارات».
وأضاف: «الضغط النفسي أمر طبيعي بالنسبة لجميع طلبة الثانوية العامة قبل أو بعد القرار، لكونها المرحلة الفاصلة وهي التي تحدد مصير الطالب وتخصصه الجامعي، لذا لا يمكن أن نصف القرار بأنه في عكس مصلحة الطلبة».
أحمد أشرف السيد، طالب في الفرع العلمي يقول: «تنفيذ قرار تقديم موعد اختبارات الثانوية العامة في مصلحة الطلاب، إذ إنه من الصعب على الطالب فهم الدروس خلال فصل الصيف في ظل ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى دخول شهر رمضان الكريم، ما يزيد من الضغوط على الطلبة بسبب الصوم تحت تأثير حرارة الصيف، خاصة وأننا غير معتادين على الدراسة أو تقديم الاختبارات في شهر رمضان من قبل، ما سيشكل بعض الصعوبات لدى الطلبة، كما أن تقديم الاختبارات في شهر رمضان يشكل صعوبة على الطلبة بسبب ضيق الوقت، حيث إن المواد العلمية تحتاج إلى المزيد من الوقت والتفرغ للدراسة والمراجعة، فيما يصعب الجمع بينهما خلال تلك الفترة».
ويضيف «كذلك قد يستفيد الطلبة وخاصة الراغبين منهم في استكمال دراستهم الجامعية خارج الدولة، من عنصر الوقت للتسجيل في الجامعات وإمكانية حجز مقاعد لهم قبل أن تضيع الفرصة عليهم وتأجيلها لوقت لاحق، لذا أرى أن القرار جاء مراعياً لجميع الطلاب، ومع مواعيد التسجيل في الجامعات داخل أو خارج الدولة».
دسامة مواد الاختبار النهائي، والحرص على جمع الدرجات، هو أكثر ما يشغل بال عبد الله هاني الطالب بالقسم العلمي حيث قال: «أعي تماماً ملاءمة القرار وضرورته بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وخلال فترات الصيام، وأيضاً إعطاء الفرصة للطلبة للتسجيل المبكر بالجامعات، وكسب الوقت بدلاً من تأجيل التسجيل، ولكن كمية المقرر كبيرة وتحتاج إلى وقتٍ أطول، خاصة أن المواد العلمية تحتاج إلى شرح تفصيلي وقد نلجأ إلى طلب بعض حصص المراجعة من المدرسين، خاصة أن دروس تلك المواد مرتبطة ببعضها، وقرار تقديم موعد الاختبارات يعني إنجاز الكمية كاملة خلال فترة لا تتعدى 40 يوماً».
وتابع: «يحمل الاختبار النهائي حوالي 30% من إجمالي المعدل الكلي لطلبة الثانوية العامة، لهذا السبب يحتاج الطلاب إلى وقت أطول للتركيز على جميع المواد لحصد أكبر قدر ممكن من الدرجات، وهو ما سيشكل صعوبة على الطلبة، إلا أن تقليل بعض المقررات وتوزيعها بالشكل المناسب على الاختبارات القصيرة، قلل العبء على الطلبة وقدرتهم على نيل الدرجات المرتفعة».
محمد عبد الله مصطفى، معلم مادة الرياضيات بمدرسة العروبة للتعليم الثانوي، يرى أن الضغط واقع على كل من الطالب والمعلم وأن على كليهما التعاون للوصول إلى ما فيه خدمة الطرفين، وقال «هناك 30% من درجات الفصل الأخير تأتي ضمن المجموع الكلي للطالب، لذا فإن قرار تقديم موعد الاختبارات صاحبه تقليص في الكميات بما يتماشى مع مصلحة الطالب».
مراعاة ظروف الطلبة
د. أمل بالهول، مستشارة الشؤون المجتمعية، بمؤسسة وطني الإمارات تقول «التحول المناخي جذري على مستوى العالم، وعليه يجب مواكبته بما يخدم الصالح العام، وهو ما تجلى في قرار وزارة التربية والتعليم بتقديم موعد الاختبارات لطلبة الصف الثاني عشر، فقدرة الطلاب الاستيعابية تتناسب عكسياً مع ارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها الدولة خلال فصل الصيف، وتزامناً مع شهر رمضان المبارك، وعليه وجب مراعاة ظروف الطلبة، خاصة أن الاختبارات بحاجة إلى التركيز والتمعن لضمان اجتيازها بتفوق، والحصول على أعلى الدرجات».
فوائد نفسية وجسدية
بالرجوع إلى العامل النفسي، والضغط المتولد على الطلاب، في حال إبقاء الوضع على ما هو عليه دون تقديم موعد الاختبارات، وما سيعانيه الطلاب خلال فترة شهر رمضان من ضيق الوقت، يقول د. علي الحرجان، استشاري الأمراض النفسية «استمرار الدراسة والاختبارات خلال درجات الحرارة المرتفعة بالتزامن مع شهر رمضان، في ظل صيام الطلبة والمدرسين له مردودات سلبية نفسياً وجسدياً، خاصة أن فترة الصيام هي إرهاق نفسي وجسدي وضغط إضافي على الطلبة، خاصة وأن تلك المرحلة مهمة ومصيرية، وتحتاج إلى جهد مضاعف من قبل الطالب وأسرته، ما يشكل جواً من التوتر والقلق، وانعكاسه على حالته النفسية وتحصيله العلمي».
وأضاف «حالة التوتر والقلق الناتجة عن الضغط الدراسي، تمنع الطالب من الاستيعاب والفهم الدقيق لدروسه، وكثيراً ممن يصابون بهذا القلق يعانون من اضطرابات نفسية وجسدية، أبرزها خلال فترة النوم وعدم انتظامه بالشكل المطلوب، وفقدان البعض للشهية، وعدم تناول وجبات الطعام الرئيسية، كما أنه قد يحدث في بعض الحالات تغيير في السلوك اتجاه الأهل والأصدقاء، إضافة إلى الشعور بالخوف من عدم القدرة على الدراسة وإنهاء المنهج بشكل كامل، وذلك نتيجة انشغال عقله بالقلق والتوتر الواقعين عليه، ومن المعروف أن الدماغ البشري لا يستطيع أن يقوم بعمليتين عقليتين في آن واحد، لذا يأتي التوتر على حساب الدراسة واستيعاب النظريات وحفظ الأرقام المقررة عليه، لذا فإن تقديم الموعد بالموازنة مع الكمية الدراسية، سيعود على الطالب بالإيجابية نفسيا ًوجسدياً».