تطبق مدارس وجامعات الدولة، مبادرة التعلم عن بُعد، التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم، لضمان استمرارية التعليم في وقت الطوارئ والأزمات والكوارث الطبيعية، فضلاً عن التداعيات التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، إذ من المقرر أن تفتح المدارس الافتراضية أبوابها لتحتضن جميع طلبة الإمارات في مختلف مراحل التعليم اليوم.
تستهدف منظومة التعلم عن بُعد، جميع طلبة مدارس الدولة، ومؤسسات التعليم العالي، ولمدة أسبوعين.
من المقرر أن تبدأ مؤسسات التعليم العالي الحكومية اليوم، عملية التعلم عن بُعد، فيما تركت الوزارة الخيار للخاص منها، في اعتماد الآلية المناسبة للتعلم عن بُعد وفق منهجية عمل تحددها الجامعات الخاصة.
وأكد حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، أن التعلم عن بُعد يشكل مرحلة جديدة من رحلة التعلم المستمرة لجموع الطلبة على مستوى الدولة، إذ ترتكز على التقنية والتعلم الذكي، وأساليب متفردة، يكمن تميزها في مواكبة الحداثة في التعليم، وتسخر التكنولوجيا والموارد التعليمية والأكاديمية والالكترونية لخدمة المتعلمين، بعيداً عن أي عوائق مكانية أو زمانية، تفرضها المستجدات.
ثمرة ونتاج
واعتبر الحمادي أن منظومة التعلم عن بُعد، ثمرة ونتاج سنوات من العمل، لتحقيق قفزات نوعية في النظام التعليمي بتوجيهات القيادة الرشدة، ترسخت فيها أسس وآليات ومعايير العملية التعليمية، وتوطدت بفضل رؤية تربوية تسعى لأن تكون المدرسة الإماراتية في الطليعة، بما تحويه من بيئات تعلم متنوعة ومميزة وفعالية، وممارسات حديثة تخدم عناصر العملية التعليمية، وتوفر لطلبتنا البيئة الخصبة لمواصلة التعلم مدى الحياة.
وأضاف أن تطبيق التعلم الذكي، في المدارس ومؤسسات التعليم العالي، أصبح من الأهمية بمكان، كونه ييسر عملية التعلم أمام الطلبة الذين قد يواجهون صعوبات معينة، فضلاً عن كونها صمام أمان لاستمرارية التعليم في حال حدوث أي مستجدات، كما حصل مع انتشار فيروس كورونا المستجد.
فلسفة الوزارة
ولفت إلى أن فلسفة الوزارة تستند إلى تحقيق أجندة الدولة المستقبلية ومئويتها 2071، والاستثمار في الممكنات التكنولوجية التي أضحت نهجاً حكومياً ووطنياً لخدمة المجتمع وتحقيق التطور المنشود، وتم توظيف هذه الإمكانيات والموارد في العملية التعليمية لتكون إضافة نوعية تعزز قدرات ومخرجات المدرسة الإماراتية، وهذا ما نصبو إليه في ظل تسارع وتيرة التنافسية العالمية التي يشكل التعلم أساساً لها.
وقال إن عملية التعلم عن بُعد تتسق في رسائلها ومنهجيتها وقيمتها المعرفية والأخلاقية مع منظومة التعليم في المدارس، وهي وسيلة من خلالها نواصل تحقيق أجندة الدولة في التحول نحو اقتصاد المعرفة المستدام، والتي تضع التعليم وتطوره وكفاءاته في المقدمة وعلى رأس الأولويات، لمواصلة مسيرة التطور والنماء بمختلف المجالات، وبغض النظر عن أي طارئ قد نواجهه.
وأوضح أن الفكر الابتكاري والاستشرافي الذي تتمتع به الإمارات بفضل توجيهات القيادة الرشيدة كان له بالغ الأثر في التعامل مع الأزمة الراهنة بكل كفاءة واقتدار وهو الأمر الذي ساهم في التقليل من الآثار السلبية المترتبة على تفشي فيروس كورونا وهو ما مكننا أيضاً من مواصلة أجندة الوزارة وبرامجها بعيداً عن أي مخاوف وبما يضمن سلامة مكونات المجتمع التربوي كافة.
تجربة رائدة
وأكدت جميلة بنت سالم المهيري وزيرة دولة لشؤون التعليم العام، أن مبادرة التعلم عن بُعد، تجربة رائدة ومتفردة، أولتها الوزارة جلّ اهتمامها لضمان نجاحها، مشيرة إلى أهميتها في تحقيق توجهات الدولة وأجندتها، الخاصة في بناء نظام تعليمي تشكل التكنولوجيا والحلول التقنية أحد أهم مرتكزاته.
وأشارت إلى أن الوزارة كثفت من العمل على إيصال فكرة وآلية تطبيق التعلم عن بُعد، للطلبة والمعلمين والإداريين وأولياء الأمور، وفي هذا السياق استفادت من التدريب التخصصي في هذا الجانب، بجانب التنسيق مع المؤسسات التربوية التي قدمت الدعم المتمثل في دورات تخصصية حول أساليب التعلم عن بُعد.
فرق دعم
وأوضحت أن الوزارة، شكلت فرق دعم فني وإشرافي تعمل على مدار الساعة من أجل تذليل العقبات كافة التي قد تواجه الطلبة أو المعلمين خلال تعاملهم مع منظومة التعلم عن بُعد وتقديم الدعم اللازم وإجراء الحلول التقنية الكفيلة بإنجاح التجربة.
ودعت الجميع إلى التعاون والالتزام بالتعليمات التي تسهم في تعزيز عملية التعلم عن بعد وتضمن نجاحها، وخروجها بصورة مميزة، تنعكس على جودة التعليم، وتحقيق النواتج المعرفية المطلوبة، مؤكدة في هذا الصدد أهمية أن يكون لأولياء الأمور دور مهم من خلال متابعة أبنائهم بما يسهم في ضبط إيقاع عملية التعلم.
الجداول المعتمدة
ووفقاً للجدول الزمني المخصص للحصص الدراسية، للتعلم عن بعد، للمدارس الحكومية، فإن مجموع عدد الحصص الدراسية، للحلقة الأولى 20 حصة أسبوعياً بواقع 3 ساعات يومية، وهناك ساعتان اختياريتان صباحياً تخصصان للأنشطة من 9 - 11 صباحاً، وتبدأ حصص المواد في الفترة المسائية من الساعة 4 - 7:25 مساء.
أما الحلقة الثانية، فيصل مجموع عدد الحصص الدراسية إلى 20 حصة أسبوعياً بواقع 4 ساعات يومياً، وتبدأ الحصص من الساعة 9 صباحاً ولغاية 12:45 ظهراً، وسيتم تخصيص ساعة مسائية (5-5:50) كمادة إثرائية قرائية وتدريبات متنوعة.
وبالنسبة للحلقة الثالثة، يبلغ مجموع عدد الساعات الدراسية 30 ساعة أسبوعياً، بواقع 6 ساعات يومياً، تتضمن فترتين، صباحية ومسائية، وتبدأ الحصص الصباحية من الساعة 9 صباحاً ولغاية 1:25 ظهراً، أما الفترة المسائية فتبدأ الساعة 5 مساء وتستمر لغاية 7:05 مساء.
جاهزية الوزارة
وجهزت وزارة التربية والتعليم مركزي عمليات متطورين، يتضمنان أنظمة حديثة وشاشات، لمتابعة التعلم من قبل قطاع العمليات المدرسية، وذلك لضمان سلاسة التعامل مع موارد تكنولوجيا المعلومات، ولضمان تحقيق تواصل فعال بين الطلبة والمعلمين، ولكفاءة العمليات التعليمية، دشنت الوزارة مركز عمليات في مبنى المدرسة الإماراتية بأبوظبي وآخر في معهد تدريب المعلمين بعجمان. وتتم في المركزين متابعة طريقة التعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة، ورسومات، وآليات بحث، ومكتبات إلكترونية وبوابات الإنترنت عن بُعد عبر مجتمعات التعلم الافتراضية.
خطط استرشادية
وأرسلت الوزارة خططاً استرشادية للمدارس الخاصة المطبقة لمنهج الوزارة وغيرها، والأمر متروك لها لتطبيق خطة التعلم عن بُعد وفق الجداول الزمنية المعتمدة، ووجهت بضرورة التطبيق، لضمان استمرارية عملية التعلم، وفق الآليات والخطط المعتمدة بالنسبة لها في مثل هكذا ظروف، وفي الوقت ذاته أتاحت للمدارس الراغبة باستخدام منظومة التعلم عن بُعد ومنصاتها المتعددة، الخاصة بها، وخصصت لجاناً وفرق رقابة، ومتابعة للتأكد من سير عملية التعلم عن بُعد في المدارس الخاصة.
تدريب المعلمين
واستعداداً لانطلاقة قوية، دربت الوزارة عن بُعد، أكثر من 25 ألف معلم وإداري في المدارس الحكومية، بالإضافة إلى أكثر من 9200 معلم ومدير مدرسة من المدارس الخاصة، حيث ركزت على تحقيق مجتمعات تعلم افتراضية تعزز من قدرات المعلم على إدارة العملية التعليمية عن بعد، وتوثيق أفضل الممارسات الكفيلة بتحقيق جودة الأداء في عملية التعلم وبكفاءة عالية.
ونجحت الوزارة بالتعاون مع «جامعة حمدان بن محمد الذكية»، في تأهيل أكثر من67,000 منتسب خضع للتدريب الإلكتروني، وذلك خلال دورة مجانية بعنوان «كيف تُصبح معلماً عن بُعد في 24 ساعة».
وتستند بوابة التعلم الذكي إلى 5 أدوات تعليمية ذكية، دعمت بها الوزارة منصتها للتعلم الذكي، يمكن للطلبة والمعلمين استخدامها، وهي «الديوان، edushare ونظام إدارة التعلم lms ومنحنى التعلم learning curve، ومنصة شاملة لإدارة التقييم swift assist». وتتضمن هذه المنصات 14 ألف فيديو تعليمي تفاعلي.