تتخذ أغلب المدارس الخاصة من النشاطات التعليمية الداخلية للطلاب، مصدراً مالياً ربحياً مستمراً خلال الفصول الدراسية، ونافذة تُمكّن إدارات المدارس من مطالبة الأهالي بمبالغ مالية إضافية موزعة حسب الحاجة خلال أيام الدراسة، وهي غير الرسوم السنوية أو الفصلية المعروفة.
في المقابل يستغرب أولياء أمور الطلبة من بعض متطلبات المدارس التي يرتادها أبناؤهم، والتي تحتاج إلى مبالغ مالية بسيطة بشكلها المنفرد، لكنها مكلفة جداً بمجملها.
واتضح من خلال التحقيق الذي أجرته «الخليج»، أن معظم ما تطلبه بعض المدارس، وتحديداً الخاصة منها، ومعظم رياض الأطفال، ينصرف إلى بعض الحاجيات التي لا علاقة لها بالعملية التعليمية، وإنما عبارة عن مستلزمات تتجه للمدرسة نفسها، كأن يُطلب من كل طالب في إحدى مدارس رأس الخيمة على سبيل المثال لا الحصر، إحضار علبة «معطر للجو»و«محارم ورقية مبللة وأخرى جافة» و«صابون لغسل اليدين».
وكشف عدد من أولياء الأمور، أن المتطلبات التي تفرضها المدارس والتي تخص العملية التعليمية، أصبحت مصدراً ربحياً لبعضها، كأن يُطلب مبلغ مالي مرتفع بين 10 إلى 15 درهماً، ثمناً لأوراق عمل «الواجبات المنزلية» مكونة من عدة أوراق مصورة، لا تتعدى قيمتها الحقيقية كحد أقصى 3 دراهم.
وفي مقابلات ميدانية قامت بها «الخليج»، نستوضح من خلالها رواية عدد من أولياء الأمور من جانب، والعاملين في الميدان التربوي من جانب آخر، حول واقعية المتطلبات التي تفرضها المدارس على طلابها خلال الفصول الدراسية، وهل الهدف منها تعليمي أم ربحي ؟
قال سائد سلمان ولي أمر طالبين في المرحلة الابتدائية بمدرستين خاصتين مختلفتين، إن إحدى المدارس طلبت منه تقديم مبلغ مالي قيمته 80 درهماً، لتغطية كافة النشاطات التعليمية للفصل الدراسي، بدلاً من طلبها بشكل منفرد، مشيراً إلى أن المبلغ مرتفع، ولا نعلم هل فعلاً يقومون بنشاطات يصل إجمالي تكلفتها إلى هذا المبلغ، موضحاً أنه دفع المبلغ من منطلق اختصار الجهود والوقت خلال الفصل الدراسي من ترتيب النشاطات في المنزل، أو زيارة المكتبة التجارية لإنجاز المشاريع التعليمية المكلف أولاده بعملها.
وكشف عن طلب غريب جداً من إحدى المدارس، وهو في أن يحضر «علبة دهان» بهدف صبغ بعض الغرف الصفية التي تحتاج لترميم، مبيناً أن هذه الطلبات غريبة لكنها اعتيادية من بعض المدارس، والمساهمة في مثل هذه الطلبات يأتي من مبدأ المساعدة.
مفيدة تعليمياً
وقالت «أم محمد» والدة الطالبة حلا في الحلقة التعليمية الأولى، إن النشاطات التي تطلبها المدرسة التي ترتادها ابنتها مفيدة لها من الناحية التعليمية، لكنها كثيرة جداً ومكلفة، وخاصة أن المدرسة تضع اشتراطات في أغلب النشاطات تتطلب زيارة المكتبة التجارية لإتمامها، وهذا يحتاج لجهد كبير في حال تكرار هذه العملية بشكل شبه يومي، كعمل لوحات فنية أو أشكال ورقية مع ضرورة عمل تغليف حراري لها، وهذا مكلف أيضاً من الناحية المادية، مؤكدة أنه في النهاية لا ضير في ذلك بما أنه لغاية التعليم.
في المقابل، أضافت أن بعض المساقات في المدرسة تتطلب نشاطات تعليمية متكررة خلال الفصل الدراسي، كتأدية أوراق عمل، أو عمل مذكرات بتكلفة مالية نتحملها نحن وليس المدرسة، حيث إن بعض هذه المتطلبات تحتاج لمبالغ مالية مقابل تصوير بعض الأوراق، وهذا مكلف في مجمل هذا النوع من النشاطات على مدار العام.
جهد ومال
قال أحمد الشحي ولي أمر الطالب سلطان، إن النشاطات المدرسية مهمة كثيراً في حال اعتمد الطالب على نفسه في تنفيذها، ومن صنع يده، وليس بالاعتماد على المكتبات التجارية، أو شراء النشاطات الجاهزة، لكسب الدرجات العلمية، ولكن أن تصبح هذه النشاطات عبئا على جهد الطالب وجيوب أولياء الأمور، فهنا يصبح الأمر معارضا للمصلحة التعليمية.
وأكد أن النشاطات المدرسية كثيرة جداً، ونحن كأولياء أمور، واجب علينا تلبيتها، مهما كلف ذلك من جهد ومال، مشيراً إلى أن المدرسة التي يرتادها ابنه سلطان، تطالب بتكاليف النشاطات التي ينفذها الطلبة داخل الفصل الدراسي، وأحياناً يطالبون بتكاليف لطباعة الأوراق، متسائلاً: هل تطبع المدرسة هذه الأوراق في الخارج، أم تأخذ التكاليف لنفسها ؟؟
ويرى أن على المدرسة تحمل تكاليف طباعة الأوراق مهما كانت نوعيتها من ناحية، ويجب عليها التخفيف من زخم النشاطات المدرسية، خاصة مع عدد المساقات التي تتطلب جهداً كبيراً للتحضير الدراسي.
نشاطات مدرسية منظمة
واعتبر إبراهيم الجاوي، خبير تربوي، النشاطات المدرسية الكثيرة والمتنوعة، مهلكة للطالب بالتزامن مع حجم التحضيرات الدراسية المفروضة عليه يومياً، موضحاً أنه في حال طُلب من كل طالب تحضير 3 نشاطات منزلية في الأسبوع الواحد، يمكن أن تشتت انتباهه عن متطلبات العملية التعليمية.
ويرى أنه يجب أن يتم التنسيق بين معلمي المساقات في آلية تكليف الطلاب بتحضير النشاطات العلمية والتعليمية.
وأكد أن النشاطات التي يُكلف بتنفيذها الطلاب، لها دور كبير في تعزيز الاعتماد على الذات، وتدعم روح المسؤولية، وتصقل المواهب والمهارات.
سمية حارب: النشاطات تصب في صالح الدارسين
أكدت سمية حارب مديرة منطقة رأس الخيمة التعليمية، إن النشاطات المدرسية تصب في صالح الطلاب، وتلعب دوراً مهماً في صلب العملية التعليمية، وآلية تنفيذ هذه النشاطات يرجع للمدرسة نفسها، مؤكدة أن الأهمية في النشاطات تتجه نحو تعزيز العملية التعليمية، حيث إن المتطلبات المدرسية معروفة، أما الطلبات المدرسية الغريبة بالنسبة للأهالي وغير المنطقية، فلهم الحق في عدم تنفيذها، وهذا يعود لهم.
واعتبرت أن هنالك متطلبات غريبة، لكنها تقع ضمن نشاطات مدرسية مهمة، أما ما يقع في دائرة النشاطات الربحية للمدرسة، فهذا مخالف، والفرق الرقابية في منطقة رأس الخيمة التعليمية، تعمل بشكل مستمر لتنظيم المنظومة التعليمية في الإمارة بما يخدم استراتيجية الدولة، والمنطقة تنظر في كافة الشكاوى التي يقدمها الأهالي بخصوص أي ملاحظات.