لم تتبق سوى أشهر معدودة على امتحانات نهاية العام الدراسي، وانتقال أبناء الصفوف الأولى في المراحل التعليمية المختلفة إلى التالية منها، وكذا طلاب الصف الثاني عشر، تلك «العتبة» الفاصلة في سجل حياتهم، إلى مقاعد الدراسة الجامعية، التي تعد بمنزلة بوابة العبور الأخيرة إلى المستقبل المهني، وهنا الحديث.
الخوف من امتحانات الثانوية العامة رعب يكاد يكون مقيماً في عقول وقلوب معظم الطلاب وأولياء الأمور، حيث يعيش الجميع حالة استنفار شبه كاملة قبيل فترة الامتحانات، وتتسارع وتيرة القلق، ويتضاعف التوتر مع قدومها، وتضطرب الأعصاب، ويرتع الخوف من الرسوب داخل الصدور، وتكاد تضيع رباطة الجأش من النفوس، إلى درجة قد تطيح بالتركيز المطلوب من الطالب من هؤلاء، لمراجعة ما تم استذكاره، ولتحصيل ما فاته.
لتجاوز هذه الحالة، والأخذ بيد الطالب إلى عتبة الهدوء النفسي، والاطمئنان، والثقة في النفس، والتحلي بالأمل، والتفاؤل، والركون إلى استطاعته وقدرته على اجتياز الامتحان بنجاح، تعد التهيئة المناسبة، والشاملة له قبيل قدوم الامتحانات وخلالها من الأهمية بمكان، ليخوضها بيسر، وسهولة دونما قلق، لتحقيق النجاح المنشود، وفي ذلك جاءت الآراء:
أدوار متعددة
قال د. علي الطنيجي أمين السر العام في مجلس أولياء الأمور في المنطقة الوسطى: نلاحظ في وقتنا الحالي أن برامج التطوير التربوي أصبحت تتضمن أبعاداً جديدة، كان من أهمها إعطاء الدور الأكبر لأولياء الأمور للمساهمة في دعم العملية التعليمية، والمساندة، والمتابعة المستمرة لتحصيل أبنائهم العلمي، وكذلك دعم دور المدرسة التي لا تستطيع تطوير عملها، وتحقيق أهدافها، والمضي قدماً من دون عمل مخطط، وجهد منظم ومشترك مع أولياء الأمور.
وعليه لزاماً علينا أن نقف ونعيد بعض الحسابات، والإجراءات التي يمكن أن تسهم في دفع طلابنا لتحقيق التفوق في المرحلة الثانوية، ومنها ما هو خاص بولي الأمر، والمدرسة، والطالب.
ولا يخفى على الجميع أن لأولياء الأمور دوراً كبيراً جداً في دعم الأبناء خلال العملية التعليمية، وعليهم تدارك بعض الأمور قبل بداية الامتحانات النهائية للأبناء، طلاب الثانوية العامة تحديداً، من أهمها الابتعاد عن التعامل السلبي معهم سواء بالضرب، والتعنيف، أو بتخويفهم من فترة الامتحانات، حيث يؤدي ذلك إلى تعرضهم لحالة نفسية قد تتسبب في عدم قدرتهم على التركيز في المذاكرة، وعليهم اتباع أسلوب التهدئة، وعدم الضغط المبالغ فيه على الأبناء للمذاكرة، ويجب على ولي الأمر أن يعي خطورة وسائل الترفيه الموجودة في البيت خلال فترة الامتحانات من ألعاب الفيديو، والتلفزيون، والإنترنت، حيث يجب ألا تمنع كلياً، بقدر تقنين استخدامها من قبل الأسرة حتى لا يصاب الأبناء بالضيق، والملل من المذاكرة، مع تجهيز مكان خاص للمذاكرة، والسماح لهم بفترات للراحة خلالها.
وعلى المدارس كذلك دور في فترة الاختبارات، منها ما هو خاص بتهيئة قاعات الامتحانات، ومنها ما هو خاص بالتهيئة النفسية للطلاب، حيث يمكن عقد لقاء قبل فترة الاختبارات بأسبوعين على الأقل على أن تتضمن التوعية إلغاء مبدأ أو حاجز «أنا غير ناجح» أو «أنا ضعيف» أو «مستحيل أنجح»، فكل طالب لديه قدرات إذا استغلها بشكل صحيح مكنته من النجاح والتفوق.
وعلى الطلاب دور مهم جداً في عملية الاستعداد للامتحانات بجعل مواعيد المذاكرة في الأوقات التي يكون فيها الجسم نشيطاً، مع إعداد جدول زمني متوازن لمراجعة جميع المواد، والحرص على تلخيص الدروس لتسهيل عملية المذاكرة، وتحديد وقت للاستراحة يتراوح ما بين (10-15 دقيقة) بعد كل ساعة من المذاكرة، على ألا يجهد الطالب نفسه قبل الاختبار، وأن يهتم بغذائه، ولا يكثر من المنبهات، وأن يقتنع بأنه ليس بأقل ممن سبقوه على طريق النجاح.
مسؤولية مشتركة
هيام الحمادي عضو لجنة الأسرة في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: بقدر البدايات القوية، تكون النهايات متميزة ومرضية، وتسهم في أن يصبح الطلبة استثماراً متميزاً لصناعة المستقبل الذي تحقق مفرداته الإيجابية من خلالهم، وليشاركوا في بناء إمارات الغد.
وكل منا له دور يؤديه تجاه الأبناء، لتهيئة جيل المستقبل، إذ على الإدارات المدرسية أدوار تكاملية، حيث من خلال المناهج المطورة للمدرسة الإماراتية التي ركزت على تنمية مهارات التفكير العليا، بعيداً عن الحفظ والتلقين، يجب العمل على تهيئة الأجواء المحفزة للطلاب في فترة الامتحانات، وغرس روح المثابرة والاطلاع، لاسيما وقد ساهمت آليات التقويم المستمر على مدار العام الدراسي، التي عملت على قياس ما يمتلكه الطلاب من مهارات، في تعزيز الاستعداد لديهم - وبشكل عام - على خوض امتحانات نهاية العام الدراسي.
إرشادات مفيدة
محمد راشد رشود، رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في دبا الحصن: تهيئة طلاب وطالبات الثانوية العامة للامتحانات النهائية، تقع على الأسرة والمدرسة والطالب نفسه، فالأسرة عليها تهيئة الأجواء الدراسية المناسبة للأبناء وتوفير المناخ الملائم لهم خلال فترة الامتحانات، بتجهيز مكان خاص للمذاكرة بعيداً عن الضوضاء، وأجهزة التسلية، ويجب أن ننصحهم بالابتعاد عن المشروبات المنبهة، والاستعاضة عنها بالعصائر لما لها من فائدة صحية، مع تنبيههم بتجنب السهر المتواصل الذي يفقدهم التركيز، حتى لا يذهب الواحد منهم إلى قاعة الامتحان ويغلب عليه النعاس، ويجب تخصيص فترات راحة لهم في وقت المراجعة حتى لا يصابوا بالإرهاق، كما يجب على الأسر متابعة أبنائهم داخل المنزل وخارجه، ورصد جوائز تشجيعية لمن يجتاز أي اختبار على مدار العام بنجاح، لأن التشجيع له دور كبير في العملية التعليمية.ويعتبر دور المدرسة مكملاً لدور الأسرة، ولا يقل عنه، لذا عليها تهيئة الطالب نفسياً ودراسياً لامتحان نهاية العام الدراسي من خلال المعلم، والمرشد الأكاديمي، وتحديد حصص خاصة للمراجعة، يتم فيها مراجعة وتلخيص ما سبق دراسته خلال الفصل الدراسي بالكامل، وتوضيح الصيغة المماثلة للامتحانات النهائية، حتى تكون للطلاب دراية بها، وعلى المرشد الأكاديمي إعداد نشرات ومطويات إرشادية توعوية عن الأسلوب الصحيح للمراجعة، والتركيز على الطلاب الضعاف ليلحقوا بأقرانهم، فيما على الطالب مساعدة نفسه بتخفيف حالة الرهبة من الامتحانات من داخله، وعليه اعتبار الامتحان مجرد قياس لتحصيله الدراسي.
دروس تقوية
د. سعيد بالليث، مستشار أسري وتربوي وخبير تنمية بشرية: امتحانات نهاية العام الدراسي تشكل فزعاً للعديد من الطلبة، لذا على أولياء الأمور تهيئة الجو المناسب للأبناء للمذاكرة، وللمراجعة قبيل الامتحانات، وعليهم مراقبتهم في استخدام الأجهزة الإلكترونية، وتقنين وقت استخدامهم لها على مدار اليوم، وعلى الوزارة فتح أبواب المدارس خلال الفترة المسائية قبيل فترة الامتحانات، للطلاب لمراجعة الدروس مع معلميهم، ولإعطائهم أيضاً دروس تقوية، وكذا على إدارات المدارس استغلال الحصص التي يغيب عنها معلموها في ذلك، وأيضاً على الطلاب بذل المزيد من الجهد للتحصيل الجيد، وعلى أولياء الأمور السماح لهم بفترات راحة خلال اليوم.
نصائح مهمة
يؤكد متخصصون أن تجاوز الخوف من الامتحان يستلزم من الطلاب اتباع الآتي:
التحضير بصورة مبكرة للامتحان وعدم تضييع الوقت وتركه للحظات الأخيرة من الدراسة، والتحضير في اليوم الأخير قبل الامتحان، لأنها قد ترفع من درجة التوتر.
البدء بحل الأسئلة السهلة في الامتحانات، أو التي يعرف الطالب إجاباتها، وذلك لكسب الوقت.
وفي الامتحانات الشفوية وعندما يفقد الطالب التركيز، عليه طلب استراحة قصيرة لاسترجاع أفكاره، بدلاً من المخاطرة بالاستمرار في الامتحان الشفوي وعدم الإجابة عن الأسئلة بصورة صحيحة.
على من يعاني الخوف المزمن من الامتحانات اتباع رياضة مناسبة للتخفيف من ذلك، فيما لا يوجد شخص لا يشعر بالخوف قبل الامتحانات، إذ قليل من الخوف قد يكون إيجابياً في بعض الأحيان.
على الطالب الاقتناع بأن الامتحان ليس قضية حياة أو موت، فقط عليه محاولة تقديم أفضل ما في وسعه للنجاح، وإذا فشل فيه، فهذا لا يعني نهاية العالم، حيث عليه المحاولة من جديد إلى أن ينجح.
التغذية المناسبة
يؤكد خبراء التغذية أهمية اختيار أنواع الطعام التي يجب تقديمها للأبناء الطلاب خلال فترة الامتحانات، لدورها في تزويد الجسم والعقل بالطاقة المطلوبة، ومن ذلك الآتي:
تناول وجبات تحتوي على كميات كافية من الفيتامينات والأملاح المعدنية، خصوصا الحديد وفيتامين b، بتناول البيض والمكسرات وحبوب القمح لدوره المهم في توفير الطاقة الجسدية والعقلية الكافية للطالب للدراسة والتركيز.
تناول اللحوم الحمراء، والحبوب، والسبانخ، لاحتوائها على كميات عالية من الحديد، والأسماك والصويا، لأنها تعمل على تحفيز الدماغ، وتزوّده بالعناصر اللازمة للعمل بكفاءة.
تناول برتقالة بدلاً من فيتامين سي، لأنها تحتوي على بعض العناصر الغذائية الأخرى كالألياف وبيتا كاروتين، وبعض المعادن الأخرى، وتناول بعض الوجبات الخفيفة طوال اليوم كالفاكهة مثل الموز، والتفاح، أو بعض الخضراوات كالجزر.
تناول الغذاء في فترات منتظمة، وتحديد مواعيد ثابتة لذلك.