Quantcast
Channel: تربية و تعليم
Viewing all articles
Browse latest Browse all 946

كفيف ستيني يستكمل الماجستير ويحلم بالدكتوراه

$
0
0
رأس الخيمة: عدنان عكاشة

من «القلب» و«شغافه»، يحلم المواطن الإماراتي الكفيف (عبيد حسن عبيد حسن بن علوي النقبي)، البالغ 62 عاما، والذي فقد بصره في الثامنة من عمره، بإنهاء دراسته ل«الماجستير»، واستكمال دراساته العليا بالحصول على «الدكتوراه»، وأن يجري قلمه وتتدفق قريحته لاحقا، بما تحمله ذاكرته المثقلة من حكايات وقصص ومشاعر، يغص بها قلبه و«بصيرته»، ليحاكي في «نسخة إماراتية» عميد الأدب العربي «طه حسين».
عبيد النقبي، الذي ولد في الأول من يناير/‏ كانون الثاني عام 1955، ظل محتفظا ببصيرته بعد ضياع بصره، بطريقة تستدعي إلى الذاكرة ما تعرض له بطل رواية (قنديل أم هاشم)، للأديب الراحل يحيى حقي، بعد أن حاول ذوو «عبيد» علاجه في طفولته من «عشى ليلي» كان يحرمه الرؤية في ظلام الليل، بأساليب ومعتقدات شعبية، في ظل ما كان متاحا في خمسينات القرن الماضي من خدمات طبية محدودة وظروف صعبة في الإمارات آنذاك، لتكون إحداها «القشة، التي قصمت ظهر البعير»، وذهبت ببصر (عبيد) إلى غير رجعة حتى الآن، وهي سكب كمية من «الدبس»، المنتج من التمر، أو ما يعرف ب«العسل الأسود»، في عينيه.
أبو عصام يعود إلى منطقة الفحلين، 6 كيلومترات شرق مدينة رأس الخيمة، حيث ولد هناك في قرية تدعى «السيبة»، وهو متزوج، ولديه 12 ابناً، 3 أولاد و9 بنات، وعمل مأمور بدالة بمنطقة رأس الخيمة التعليمية منذ 1982 حتى عام 1994.

ختامها ظلام

عن قصته بين «العلم» و«الظلام»، قال عبيد النقبي ل«الخليج»: إنه فقد البصر وهو في سن تتراوح بين ثمان وتسع سنوات، وكان الابتلاء الأول بإصابته ب «عشى ليلي»، جعله يرى نهارا ولا يرى ليلا، في حين لم تفلح الوصفات الشعبية، التي وصفت له لعلاج عينيه، من بينها وضع «حناء» على رأسه، وأخرى قضت باصطياد طير محلي، يدعى في العامية الإماراتية ب «الظاضو»، وطهي عظامه وطحنها، ثم وضع المسحوق في عينيه، قبل أن يكون «ختامها ظلام» بخلطة جمعت دبس التمر مع الزنجبيل، سكبت في عينيه، اللتين تورمتا، ليفقد البصر مباشرة، ليلا ونهارا، ويحرق «العسل الأسود» البؤبؤ والشبكية والمشيمية.

مرحلة معتمة

بعد ضياع البصر، بدأ مرحلة «معتمة» بالكامل في حياته، مملوءة بالحرمان، تعترضها التقلبات والتحديات، فيما تخللتها جهود كبيرة لعلاجه مجددا من قبل عائلته وأقاربه، دون جدوى، ليتحول «العشى الليلي» إلى «عمى» كامل، وكانت الكلمة الأخيرة، التي أسدلت الستار على تلك الآمال وأنهت قصته مع نعمة «البصر» في بريطانيا، حيث خضع عام 1994 لفحص طبي متخصص، انتهى بنتيجة أفاد فيها الأطباء أن لا جدوى من كل محاولات العلاج، ولا حتى بتركيب «عينين صناعيتين»، بسبب حرق «الدبس» لعينيه ومكوناتهما الداخلية بالكامل.

عزيمة وشغف

وفق روايته ل«الخليج»، أنهى (عبيد) الثانوية العامة في مركز ثانوية رأس الخيمة لتعليم الكبار، عام 1994، حين كان يبلغ من العمر 39 عاما تقريبا، وكان تأخره في الدراسة يرجع إلى «إعاقته البصرية»، التي لحقت به في سن مبكرة، ومراحل حياته القاسية، بسبب غياب البصر، وعدم قدرة المحرومين من نور عيونهم حينها على الدراسة في مدارس الإمارات، لغياب إمكانات تعليم «المكفوفين» والتعامل معهم في تلك المدارس في تلك المرحلة، وهو ما عجز بسببه عن دخول المدرسة، على غرار أقرانه من الأسوياء، لسنوات طويلة، قبل أن يلوح الأمل ويورق الحلم في نهاية نفق طويل، ليدخل المدرسة للمرة الأولى، في الصف الأول الابتدائي، وهو في الثامنة عشرة، مستندا إلى العزيمة والشغف، بعد أن عاندته الظروف لسنوات طويلة، والتي كان منها حجم عائلته الكبير، المكون من 18 فردا وتواضع الإمكانات المادية لوالده في المقابل.
الخطوة الأولى نحو تبديد «الظلام» في حياة عبيد النقبي تمثلت بإرساله من قبل وزارة التربية والتعليم إلى البحرين، عام 1973 م، كان يبلغ حينها 18 عاما، لدراسة طريقة «برايل» لتعليم المكفوفين القراءة والكتابة، بجانب الصفوف من الأول الابتدائي حتى السابع الإعدادي، عاد بعدها إلى الإمارات، ليستكمل الدراسة في مدارس رأس الخيمة.

معلم التاريخ

بعد تخرجه من الثانوية العامة، عمل (قاهر الظلام) «معلم تاريخ»، لمدة 17 عاما متواصلة في مدارس الإمارات، منها نحو 9 أعوام في مدارس وزارة التربية والتعليم، منذ 2000 حتى 2009، ثم انضم لمجلس أبوظبي للتعليم بين عامي 2010 و2017، وعمل معارا لعامين (2000 و2001) في مركز تأهيل ورعاية المعاقين، التابع لوزارة الداخلية، في العين.
وقرأ عبيد النقبي، المتقاعد حاليا، حوالي 20 كتابا، مروضا ظلام عينيه، كان معظمها من الروايات والقصص والشعر، لكتابه المفضلين علي أبو الريش، وطه حسين «المعلم العود»، كما يصفه، وأبو العلاء المعري، وشكسبير، والعقاد، وحافظ إبراهيم، والمتنبي، وأبو تمام، وسواهم.

«البكالوريوس»

بداية صعود «المعلم الضرير» نحو الشهادات العليا كان في الخامس من يناير/‏ كانون الثاني عام 2000، بحصوله على شهادة البكالوريوس من جامعة الإمارات في العين، التي تخرج منها في تخصص التاريخ.

«الماجستير»

قفز «المعلم الإماراتي الكفيف» في مرحلة لاحقة، مواصلا حلمه ومبددا ظلام عينيه، ليحصل على دبلوم الإعداد ل«الماجستير»، من جامعة القاهرة، حيث درس بين عامي 2010 و2011، لتغمره مع أبنائه وعائلته فرحة من نوع خاص، تحمل معها مذاق النصر ولذة النجاح ومشاعر الوصول إلى الأحلام الكبيرة وترويض الصعاب وقهرها. النقبي أوضح أنه انتقل بعدها لدراسة «الماجستير» في العاصمة المصرية، في تخصص التاريخ الإسلامي، ببحث يدور حول (مدينة صعدة في اليمن في القرنين الثالث والرابع الهجريين).



Viewing all articles
Browse latest Browse all 946

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>