أوصى تربويون واختصاصيو الرعاية الصحية في المدارس، بضرورة رفع مستوى الوعي الصحي بين أوساط طلبة المدارس قبل شهر رمضان الذي يهل علينا بعد أيام قليلة، خاصة أنّ موعد الامتحانات النهائية للعام الدراسي الحالي، يتزامن مع الشهر الفضيل، حيث جمع التربويون في المدارس، وأخصائيو الرعاية الطبية نصائح أساسيةً للطلاب الصائمين لمساعدتهم على إدارة نظامهم الغذائي، والاستراحة، ومتابعة دروسهم، مؤكدين أن تنظيم الوقت في رمضان أحد أسباب النجاح والمحافظة على صحة الطالب.
وأشاد الميدان التربوي بالتوازن الموجود في مواعيد الامتحانات التي أعلنتها وزارة التربية والتعليم، خصوصاً ترحيل المواد العلمية التي تتطلب وقتاً وجهداً أطول للاستعداد، إلى بعد إجازة عيد الفطر، لافتين إلى أن ذلك يمنح الطلبة راحة لأجسامهم، وأذهانهم خلال فترة الصوم، كما يمنحهم وقتاً كافياً لتمضية أيام العيد مع العائلة، والاستمتاع بالفعاليات المصاحبة، وتخصيص الوقت المتبقي للتركيز على الدراسة ومراجعة المعلومات.
«الخليج» التقت عدداً من التربويين واختصاصيي الرعاية الصحية في المدارس، الذين أكدوا على ضرورة اتباع الطلبة للنصائح التي تساعدهم على النجاح، والمحافظة على صحتهم أثناء الدوام الدراسي خلال الشهر الفضيل، ومذاكرة دروسهم استعداداً للامتحانات دونما إرهاق، أو تعب.
أكدت شيخة الزعابي، «تربوية»، انه على الرغم من أنّ رمضان حلّ خلال العام الدراسي في السنوات القليلة الأخيرة، إلا أنّ معظم الطلاب يستعدّون هذا العام لإتمام مشاريع نهاية العام الدراسي، وتقديم امتحاناتهم النهائية للفترة الأولى، عقب بدء الشهر الفضيل بعدة أيام، في ست مواد، هي التربية الإسلامية، علوم الأرض، العلوم الصحية، الدراسات الاجتماعية، واللغتين العربية والانجليزية، كما حددت وزارة التربية والتعليم 5 أيام للتقييم الختامي لمواد المجموعة (ب) من 27 إلى 31 مايو/ أيار الجاري لجميع الصفوف، وتشمل هذه المجموعة مواد التربية الأخلاقية، الفنون البصرية والموسيقية، التربية البدنية والصحية، التصميم والتكنولوجيا، وعلوم الكومبيوتر، إدارة الأعمال، مهارات الحياة والتصميم الإبداعي والابتكار، ثم يواصلون تقديم امتحاناتهم النهائية للفترة الثانية -عقب عطلة عيد الفطر- في 20 يونيو/ حزيران، وحتى 27 منه، في عدة مواد تتراوح ما بين 4 إلى 6 مواد، وفقاً لكل مرحلة دراسية، مشيرة إلى انه ينبغي علينا كتربويين، تكريس الجهود لنشر التوعية في مدارسنا، سعياً منّا إلى ضمان نهاية عام دراسي سلس وناجح للطلبة والكادر التعليمي والأهالي، على حد سواء.
عدم السهر للفجر
وقالت فاطمة نجيب، ممرضة في إحدى المدارس الخاصة، انه من الضروري التزام الطلبة بالنصائح التي يوجهها أخصائيو الرعاية الصحية والتي تصب في مصلحتهم، والحفاظ على صحتهم خلال الشهر الفضيل، ومنها ألا يهمل الطالب راحته وصحته بالسهر حتى طلوع الفجر، ومن ثم يكتفي بقدر بسيط من النوم بعد الإمساك، ليذهب إلى قاعة الامتحان مرهقاً لا يستطيع التركيز في اسئلة الورقة الامتحانية، مشيرة إلى أنّ النوم لمدة ثماني ساعات على الأقل كل 24 ساعة أمر أساسي، حتى ولو كانت هذه الساعات قد تراكمت على مدى فترات منفصلة من الراحة، إلا أنها تسهّل على الطالب التركيزَ في الصف، والتمتّع بطاقة أكبر طوال اليوم، ورمضان هو شهر للعبادة، وأداء الصلاة، والاجتماع مع الأسرة، والأصدقاء، ولكن دونما تعريض الجسم للإرهاق، فالاعتدال في تنفيذ الواجبات تجاه العبادة والترفيه والمذاكرة أحد أسباب النجاح والمحافظة على الصحة.
ترطيب الجسم
ونصحت سامية معتز، ممرضة في إحدى المدارس الخاصة، الطلبة بضرورة إعادة ترطيب أجسامهم والحفاظ عليها رطبة لفترة أطول، من خلال تنظيم وتيرة استهلاك السوائل عبر شرب لترَين من الماء على الأقل (كوب أو كوبَين كل مرّة)، بين الإفطار والإمساك، وهذه طريقة مثالية لإعادة ترطيب الأجسام، مشيرة إلى أن العطش قد يكون واحداً من الأعراض التي يواجهها الصائم، ما يدفعه إلى شرب كميات كبيرة من الماء والسوائل عند الإفطار، ومباشرة قبل الإمساك، كما أنّه يُفضّل التقليل من استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين في الليل، وزيادة استهلاك السوائل من خلال تناول الحساء، والفواكه، والخضار الغنية بالماء، مثل الخيار والبطيخ.
وحذرت أخصائية الرعاية الصحية، بدرية محمد، من الإفراط في تناول الملح والسكر، بعد يوم كامل من الصوم، مشيرة إلى أن الكثير يلجأ إلى سدّ جوعه بالحلويات والمشروبات التي تحتوي على نسب عالية من السكر كالصودا، ومشروبات الطاقة، مشيرة إلى أن استهلاكها سوف يؤدي إلى ارتفاع غير صحّي في مستويات الجلوكوز، لذلك ينبغي استبدالها بالسكر الطبيعي الموجود في الفواكه، وتناول كربوهيدرات معقّدة كالأرز، والخبز، والحبوب الكاملة، إلى جانب الخضار التي تشعر الصائم بالشبع فترة أطول، أمّا بالنسبة إلى استهلاك الملح، فيجب على الطالب الصائم أن يتذكّر دائماً أنّ تناول أطعمة مالحة بشكل معتدل مع شرب الماء يحافظ على ترطيب جسمه فترة أطول، أمّا الإفراط في تناول الملح فسوف يكون له تأثير عكسي، حيث إنّه سيؤدي إلى عطش الجسم وجفافه خلال النهار، وينبغي التقليل من الوجبات الخفيفة المالحة كالفشار، الناتشوز، والمكسرات المملحة في الليل.
تكثيف وجدولة
ونصح أحمد حسن الحوسني، الاختصاصي الاجتماعي في مدرسة الاتحاد، بتكثيف النشاط الصباحي قدر المستطاع من خلال جدولة المهام الأكثر صعوبةً، التي تتطلّب قدراً أكبر من التركيز، أو الجهد الجسدي في الصباح حيث إنّ طاقة الإنسان تكون أكبر، مشيراً إلى أن المدارس كما نلاحظ، تضع عادة جدول الامتحانات في وقت مبكر من النهار، وهذا ما ينبغي أن تفعله المدارس خلال شهر رمضان المبارك، حيث تكون ساعات الدراسة أقصر، لافتاً إلى انه من الأسهل على الطالب تعلّم معلومات جديدة وحفظها خلال الساعات الأولى من الصوم، والاستفادة إلى أقصى حد من هذه الفترة المبكرة عبر تنظيم مجموعات دراسية، وجدولة جلسات المراجعة في الصباح.
كما نصحت رانيا عبدالرحمن معلمة التربية الرياضية بعدم التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية، مشيرة إلى انه قد يشعر الطالب بتعب أكبر/ وبنشاط أقل خلال فترة الصوم، إلا أنّ الامتناع طوال شهر كامل عن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ليس بخيار صحّي، لاسيما وأنه يستهلك الجزء الأكبر من المأكولات في الليل، لذلك يُنصَح بممارسة تمارين معتدلة، حيث إن هذه التمارين ستمدّه بحيوية أكبر، كما يستحسن الانتظار ساعتَين بعد الإفطار للذهاب إلى النادي الرياضي/ أو ممارسة المشي السريع، أمّا خلال فترة الصوم، فتفادَ اللعب في الهواء الطلق، أو تحت أشعة الشمس لفترة طويلة، وخذ فترات استراحة متكررة، وتوقّف عن اللعب عندما تشعر بضعف شديد، أو بدوار، أو بعطش شديد.
مسار صحيح
وقال عبيد عبيد مفتاح المحرزي مدير ثانوية درويش بن كرم: من حسن حظّنا أنّنا نعيش في بلد يسمح بالتقليل من ساعات الدراسة والعمل من أجل الصائمين خلال شهر رمضان المبارك، ولهذا السبب بالذات، أود أن أذكّر جميع الطلبة والمعلمين من دون استثناء، مهما كانت أعمارهم، أو أنماط عيشهم، بالاستفادة من شهر رمضان كفرصة لإعادة صحتهم وعافيتهم إلى المسار الصحيح، وتجويد العمل وبذل العطاء، كما انصح بتطبيق التوجيهات الطبية التي تفيد الصحة طوال العام، وليس في شهر رمضان فقط، وان تكون تلك النصائح كجزء من أسلوب حياة متوازن وصحي.
وأضافت نوال البشير، معلمة التربية الرياضية في مدرسة البطين للتعليم الأساسي، أنّ الأجيال الأكثر شباباً تبدي اهتماماً متزايداً بالتغذية والتمارين الرياضية، لذلك تحرص المدارس على الاعتناء بالصحة، والمساهمة في الوقاية من الأمراض غير المعدية المرتبطة بأسلوب الحياة والتي يمكن تفاديها، مثل داء السكري من النوع الثاني، مشيرة إلى أن شهر رمضان المبارك من افضل الأوقات للتشجيع على اتباع أسلوب حياة أكثر صحةً.