لا شك أن نواقص الكادر التعليمي في المدارس، تشكل أبرز تحديات الميدان التربوي، وتعد أهم الصعوبات التي تعوق العملية التعليمية، إذ تؤثر سلباً على مستويات الطلبة ومخرجات التعليم، وتسهم في الوقت ذاته في وجود حالة من الارتباك بين مختلف فئات المجتمع التعليمي. ولكن يعد اتجاه وزارة التربية والتعليم، نحو استقطاب معلمي الاحتياط بمختلف التخصصات، من خلال مبادرة «علم من أجل الإمارات»، واعتماد نظام ممنهج للمكافأة المالية لهم، محاولة جادة تعصف بإشكالية النواقص في الميدان التربوي. في وقت أكد عدد من التربويين، أن معايير اختيار عناصر تلك الفئة من المعلمين، في مدارس الدولة، تستند إلى الجودة والخبرة ومهارات التدريس التي تواكب المتغيرات والتطورات المتسارعة في قطاع التعليم، فضلاً عن أن نظام المكافأة المالية المعتمد مؤخراً، لتلك الفئة من المعلمين، الذي جاء مجزياً لجميع التخصصات في مراحل التعليم المختلفة. وفي هذا الصدد استطلعت «الخليج» آراء عدد من التربويين والمتخصصين في الميدان التربوي، للوقوف على أهمية هذا الاتجاه، وإلى أي مدى تواكب معايير اختيار تلك الفئة من المعلمين، المتغيرات الحديثة في هذا القطاع الحيوي، وكيف يسهم في حل إشكالية نواقص الكادر التعليمي في المدارس.
البداية كانت مع مروان أحمد الصوالح وكيل وزارة التربية والتعليم، للشؤون الأكاديمية، الذي أكد أن الاستعانة بمعلمي الاحتياط من «خارج الملاك»، في مدارس الدولة الحكومية، يركز على سد احتياجات الميدان التربوي، ورفده بمختلف التخصصات، لتحقيق استقرار العملية التعليمية في المدارس خلال العام الدراسي، ويضمن في الوقت ذاته استقرار العام الدراسي واحتياجات الطلبة العلمية طوال الدراسة.
وأفاد أن هناك شروطاً ومعايير ممنهجة يتم من خلالها اختيار معلمي الاحتياط، إذ تركز على أصحاب المؤهلات والتخصصات المطلوبة، فضلاً عن خبرات ومهارات المعلم النوعية في استخدام طرائق التدريس الحديثة.
التقييد بالشروط
وأكد الصوالح أنه تم التشديد على عدم تكليف معلمي الاحتياط، بدخول حصص أكثر من نصاب المعلم الأساسي، وأن يكون تخصصه الدراسي جامعياً «بكالوريوس» ومطابقاً للمادة التدريسية، فضلاً عن التقيد بالشروط التي ركزت في مضمونها، على ألاّ تكون المهنة الموجودة في الإقامة لمعلمي الاحتياط غير «مصرح لها بالعمل».
وحول المكافأة المالية، أكد أنها جاءت ترجمة واقعية لقرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بشأن نظام مكافأة معلمي الاحتياط في المدارس الحكومية، حيث تتراوح بين 10 - 18 ألف درهم شهرياً، للمعلم حسب التخصص والمراحل التعليمية، على ألا يزيد نصاب الحصص على 30 حصة أسبوعياً.
عملية البحث
ويرى الخبير الدكتور عبدالله مصطفى، أن هذا الاتجاه يسهم في تسهيل عملية البحث عن فرص للراغبين بالتطوع أو العمل في قطاع التعليم، بنظام المكافأة، لاسيما أنه يستهدف تحفيز القطاعين العام والخاص، وأصحاب الخبرة والمتقاعدين من المواطنين والمقيمين، وخريجي الجامعات للتطوع في مجال التعليم.
وأكد أن خريجي الجامعات وأصحاب الخبرة والمتقاعدين، أصبح لهم النصيب في العمل كمعلمين احتياطيين «بدلاء»، إضافة إلى خريجي تخصصات هندسية محددة.
ووصف آليات اختيار معلمي الاحتياط، بالهادفة والمدروسة، مشيراً إلى أن وزارة التربية استعانت بحوالي 482 معلماً ومعلمة، من خارج الملاك، لسد الشواغر في المدارس الحكومية، من بينهم معلمون تعدت أعمارهم سن 60 عاماً، وحديثو التخرج، ومن أنهيت خدماتهم من قبل، على أن يتم تقييمهم خلال فترة عملهم، للبت في تعيينهم في ما بعد، في حال أثبتوا كفاءة في الميدان التربوي.
فرصة كبيرة
وفي وقفة مع عدد من التربويين ومديري المدارس، أكد كل من «الدكتور كمال فرحات، واعتدال يوسف، والدكتور فارس الجبور»، أن الاستعانة بمعلمي الاحتياط، مسار فاعل يسهم في رصد الاحتياجات الفعلية من الكوادر التربوية.
وقالوا إن نظام استقطاب معلمي الاحتياط، يعد فرصة كبيرة لإعداد جيل من المعلمين الإماراتيين المؤهلين علمياً، لاسيما أن لديهم القدرة على اكتساب خبرات نوعية في مدارس الدولة، مؤكدين أن تلك الخطوة تعالج إشكالية عزوف الكثير منهم عن الالتحاق بالتدريس، وتسهم في إعداد معلم قادر على استيعاب مفاهيم التغير، ومواكبة التطورات المستقبلية، وأدواره المستحدثة في عصر التكنولوجيا والتقدم العلمي، في مجتمعات العلم والمعرفة، واقتصاداتها.
استقرار الميدان
أما «خلود فهمي، ووليد فؤاد، وهديان موفق»، أكدوا أن هذا الاتجاه يسهم في تحقيق الاستقرار في العملية التعليمية، ويمكّن المعلمين من اكتساب المهارات والكفاءة اللازمة في المجتمعات المدرسية، والمحافظة على محتوى العملية التعليمية، في مختلف مراحل العام الدراسي، مما ينعكس إيجابياً على جودة المخرجات في جميع المراحل.
ويرون أن سد احتياجات المدارس من الكوادر التعليمية، أمر غاية في الأهمية، ويعد ضمن الاحتياجات الأساسية للميدان، لذا يسهل هذا المسار توفير البدائل عند غياب المعلم الأساسي، مما يعزز سياسة التطوير والبناء التي تتخذها الدولة منهجاً، ويسهم في إعداد الكوادر الوطنية، والاستفادة من الخبرات التربوية الموجودة في الميدان التربوي.
تخفيف الضغط
أما المعلمون «هاني حمزة، إبراهيم القباني، سارة عبد الله، وسوسن محمد»، فقد أكدوا أن الاستعانة بمعلمين من خارج الملاك، بنصاب كامل أسبوعياً، يسهم في تخفيف الضغط والأعباء المحملة على عاتق المعلمين الأساسيين، عند وجود نواقص في الكادر التعليمي، الأمر الذي يسهم في إتاحة الفرصة أمام المعلم للإبداع، وتأهيل الأبناء في مراحل التعليم المختلفة، وتمكينهم من مهارات القرن الحادي والعشرين في مختلف المواد الدراسية.
طموحات المعلمين
وفي لقاء مع عدد من معلمي الاحتياط، أكد كل من «س.م، ع.ح، خ.ف، ه.ط»، أن نظام المكافأة المالية المعتمد، «مُجزٍ»، ويحاكي طموحات المعلمين، فضلاً عن النصاب المناسب الذي لم يتجاوز 30 حصة أسبوعياً، الأمر الذي يسهم في مساعدة المعلمين على القيام بمهامهم التدريسية، ويعزز قدراتهم على اكتساب المهارات المختلفة لطرائق التدريس وفق معايير عالمية في المدرسة الإماراتية.
14 سبباً للاستعانة ب«الاحتياط»
رصدت وزارة التربية والتعليم، 14 سبباً للاستعانة بمعلمي الاحتياط وتغطية الشواغر الناتجة خلال العام الدراسي، أهمها الإجازات المرضية التي تزيد على أسبوع، والوضع والعدّة، ومرافقة مريض، والحج، والإجازات الدراسية الممنوحة خلال العام الدراسي، أو إيقاف الموظف احتياطياً، أو الإجازة بدون مرتب، وحالات المنتهية خدماتهم خلال العام الدراسي.
قيمة مكافأة المعلمين
حددت وزارة التربية والتعليم، 10 آلاف درهم شهرياً مكافأة لمعلمي رياض الأطفال، و 12000 شهرياً لمعلمي مواد الأنشطة، و14400درهم شهرياً، لمعلمي مواد «اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والمجال الأول، والدراسات الاجتماعية، والتربية الوطنية، والعلوم الصحية، ومهارات الحياة»، و18000درهم شهرياً، لمعلمي «الرياضيات، واللغة الإنجليزية، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء، والعلوم، والمجال الثاني، والتربية الخاصة، وعلوم الكمبيوتر، والتصميم والتكنولوجيا، وإدارة الأعمال، والتصميم»