أكد المشاركون في ختام «معرض ومؤتمر بِت العالمي» الرائد في تنظيم فعاليات تكنولوجيا التعليم والتدريب في منطقة الشرق الأوسط، أهمية استثمار التكنولوجيا في إحداث نقلة نوعية ملموسة في المنظومة التعليمية، ومواكبة المستجدات في التكنولوجيا لإثراء العملية التعليمية، والإسهام في إعداد جيل منتج للمعرفة، له القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، لاسيما وأن الطلبة نشأوا في عصر التكنولوجيا والتطور.
شهد الحدث الذي انطلقت فعالياته يوم الأربعاء الماضي في أبوظبي، بشراكة مع مجلس أبوظبي للتعليم كوكبة متميزة من الشخصيات والمتحدثين البارزين من أهم المنظمات الدولية والهيئات الحكومية الإقليمية، الذين خاضوا من خلال جلسات المؤتمر، مناقشات التحول الذي تشهده عملية التعليم في منطقة الشرق الأوسط، وتشجيع اكتشاف أدوات التكنولوجيا وتعزيز المعرفة، بغية ترسيخ مفهوم التعلم مدى الحياة في المشهد الأكاديمي الإقليمي.
وقال المشاركون في المؤتمر ل«الخليج»، إن عصرنا الراهن يتميز بالتغيرات السريعة الناجمة عن التقدم العلمي والتكنولوجي وتقنية المعلومات، وأصبح من الضروري على النظام التربوي مواكبة هذه التغييرات لمواجهة المشكلات، التي قد تنجم عن هذا الانفجار المعرفي في عصر التكنولوجيا، مثل كثرة المعلومات وزيادة عدد الطلاب والنقص في المعلمين وبعد المسافات، حيث أدت هذه التغيرات إلى ظهور أنماط وطرق عديدة للتعليم، منها التعليم الإلكتروني، الذي أصبح ضرورة ملحة وركيزة من ركائز التعليم الناجح لإيصال المعلومة للمتعلم، يتم فيه استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.
وأشاروا إلى أن عدداً من مؤسساتنا التربوية في الدولة، ومنها مجلس أبوظبي للتعليم تهتم بإدخال التقنية الحديثة على أساليب التعليم، حيث تقوم وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم بتقديم مجموعة من الحلول المتكاملة للتعليم العام داخل الصفوف بهدف تطبيق التعليم الإلكتروني بكل واقعية، من خلال استخدام وسائل العرض الإلكترونية لإلقاء الدروس في الفصول التقليدية، مروراً باستخدام الوسائط المتعددة في عمليات التعليم الفصلي والتعليم الذاتي، انتهاء ببناء المدارس الذكية والفصول الافتراضية التي تتيح للطلاب الحضور والتفاعل مع الدروس والمعلمين عن بُعد من خلال تقنيات الإنترنت والتلفزيون التفاعلي.
في البداية أكد علي راشد النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، أن النظام التعليمي هو الأداة الرئيسية لاقتصاد المعرفة، وينتج عنها مخرجات يتم رفدها لمختلف قطاعات الدولة لتكون نواة اقتصاد المعرفة، مشيراً إلى أننا اليوم نعيش مرحلة جديدة من التقدم عنوانها المشاريع الذكية، وأن التحدي الأكبر والعنصر الأساسي لهذا التطوير هو المعلم، فهناك حرص وعمل دؤوب لتطوير النظام التعليمي، من خلال أبنية تعليمية وأدوات متطورة لشرح المناهج، لكن المعلم يجب أن يواكب هذا الأمر بتقديم مضمون يتواكب مع هذه المتغيرات، كما يجب أن تكون المناهج المقدمة للطلبة قائمة على الإمتاع، وتوظيف التكنولوجيا لخدمة العملية التعليمية.
وقال إننا استطعنا أن نوجد المبنى المدرسي الذكي، ووصلنا إلى الصف الدراسي الذكي، ولكن المعلم مازال يقبع داخل الإطار ذاته، ويقدم المضمون السابق للتعليم بعاهاته وآفاته للطالب رغم توفير كل ما أمكن من وسائل تعليمية حديثة في المدارس، مؤكداً بأن طالب اليوم ليس بطالب الأمس، فهو بحاجة إلى تعليم يمنحه المتعة والإثارة والاستمتاع.
وأوضح مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، أن أي تغيير ريادي في المجتمعات يجب أن ينطلق من النظام التعليمي، مشيراً إلى أن المعلم هو العنصر الأساسي، وهو التحدي، فيجب أن يكون قادراً على استيعاب التغييرات الجديدة والتطورات التكنولوجية، وأن يوظفها بالشكل الأمثل لخدمة المجتمع.
وقال محمد سالم الظاهري المدير التنفيذي لقطاع العمليات المدرسية، إن الطالب أصبح حالياً محور العملية التعليمية، مما يعني الاستجابة لحاجاته وقدراته التعلمية، وبالتالي فإنه بات من الواضح أن استخدام التقنيات الفنية والثورة المعلوماتية الضخمة من خلال تكنولوجيا المعلومات في حاجة تعليمية، تستجيب لحاجات المتعلم سواء على المستوى الفردي أو على مستوى التعلم الحديث الذي يواكب متطلبات المرحلة.
وأضاف أن مبادرة «الصفوف الإلكترونية» - آي كلاس - التي أطلقها مجلس أبوظبي للتعليم، تعد جزءاً من النموذج الذي يسعى له المجلس في المدارس الجديدة، بهدف تعزيز التفكير النقدي للتلاميذ، والتعلم المعاصر من خلال استخدام مختلف الموارد والتكنولوجيا، حيث تم ربط المدارس بشبكة فيديو كونفرانس وتجهيز الصفوف باللوحات الإلكترونية التفاعلية، التي تعمل باللمس ويتم التحكم بها من طاولة التلميذ لتشجيع المعلمين والطلبة على تبادل المعرفة والمعلومات على المستويين المحلي والعالمي في جو من التعاون الفاعل والعمل الجماعي.
وأشار الظاهري إلى أن مبادرة التعلم الإلكتروني تسهم في تعزيز الجوانب الرئيسية للعملية التعليمية في المدارس الحكومية بالإمارة، ومن بينها المحتوى العلمي «معايير المناهج والأهداف التعليمية والأساليب التربوية ووسائل وأساليب التدريس والتقييم وغيرها»، وأدوات التعلم الرقمية «الأجهزة والبرامج الإلكترونية وتنظيم الصفوف الدراسية» وتأهيل المعلمين «التدريب والتطوير المهني ودمج مصادر التعلم الرقمي في المناهج، وتطبيق أساليب التدريس المناسبة، وتوفير الدعم المستمر» وضمان استدامة الوسائل المبتكرة القائمة على التعلم الإلكتروني عن طريق التوجيه والتقييم وقياس الأداء بما يضمن تحقيق نقلة نوعية في تعليم الطالب.
وتحدث الدكتور محمد يوسف بني ياس، المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي بالمجلس، عن أهمية ودور الجامعات في تأهيل الكوادر من خلال برامج تتناسب مع سوق العمل، وتطوير مخرجاتها، والقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، موضحاً بأن الجامعات إن لم تستطع مواجهة التطور الجاري في العالم وما تفرضه العولمة، ستتراجع أدوارها، ولكي يحدث التطوير لابد من إلمام الطلاب الذين يلتحقون بالجامعات بمستلزمات العلوم الحديثة والتكنولوجيا وغيرها، لافتاً إلى أن الإمارات تخطو خطوات مهمة للاستفادة من العلوم الحديثة، والبرامج التعليمية المنفذة بالجامعات.
وقال راشد العبدولي مسؤول تطوير وجودة في مجلس أبوظبي للتعليم: لا شكَّ أن التكنولوجيا تؤثِّر بشكل كبير في مستخدميها في المجالات كافة، ولعل من أبرز تلك المجالات، المجال التعليمي؛ فقد تُسهم التكنولوجيا في العملية التعليمية بشكل كبير إذا تم توظيفها بشكل جيد يُفيد الطلاب ويُساعِدهم في عملية التحصيل الدراسي، ولكن الأهم هو أن لا يتمَّ إساءة استخدام التكنولوجيا فيما يضرُّ الطلاب، من إدمان الطلاب على الحواسيب والأجهزة الإلكترونية، وتَضييع الوقت أمام تلك الأجهزة فيما لا ينفع، إلى جانب الاعتماد الكلي عليها وإغفال الدور المُهمِّ للعقل، الذي هو الركيزة الأساسية في العملية التعليمية.
وأشار عبيد عبيد مفتاح مدير مدرسة الصقور الحلقة الثانية إلى أن التكنولوجيا تؤثِّر في الجانب الآخَر في نقل المعلِّم للمادة من الحاسوب كما هي دون فَهمِها أو استيعابها، وعدم الإلمام بها بشكل كامل، كما أن الاعتِماد الكلِّي على التكنولوجيا سواء من جانب الطلاب أو المدرِّسين ينزع الروح من العملية التعليمية، إلى جانب اقتِصار التفكير وتقليص البحث والفِكر، فضلاً عن غياب الاحتكاك بين الطلاب ومُدرِّسيهم، وهو ما يؤدي إلى فتور العلاقة بينهم.
وأكد طارق رفعت بهي الدين - معلم اللغة الإنجليزية في مدرسة درويش بن كرم - أهمية التكنولوجيا في مجال التعليم، موضحاً بأنها تلعب دور المرشد الذي يساعد المعلم في توجيه المادة العلمية للطالب، حيث إن التكنولوجيا تستطيع أن تغير شكل تقديم الدروس للطالب على نحو يعطي فرصة أكبر وأسهل في الفهم والتعلم، كما أنها وسيلة تعليمية حديثة مثل الكمبيوتر، الذي يعد محط أنظار الطلبة، لاستخدامه في مجال التعليم واتخاذه كمرشد أو معلم إلكتروني مساعد يرشدهم ببرامجه المتنوعة ووظائفه المختلفة في مجال التعلم، كما أن الإنترنت يفتح باباً جديداً يساعد الطلبة في الفصل الواحد على أن يشتركوا في أنشطة تعليمية مختلفة في مجال البحث، وتبادل المعلومات من خلال هذه الأنشطة، كما توفر التكنولوجيا مصدراً غزيراً من المعلومات التي يحتاج لها المعلم والطالب على حد سواء، حيث تعد مصدراً للتخاطب، وتجعل المعلم والطالب في اتصال متواصل عن طريق التحدث عبر شبكة الإنترنت.
وأكد رافيندر كومار من شركة «شارب» أن التطور التكنولوجي خلق فرصاً متعددة للمرافق التعليمية، لم تكن متاحة في السابق، فقد ولت الأيام التي كانت توجب الطالب أن يكتب ملاحظاته على ورقة، بينما كانت تعطى الدروس على لوح الطبشور، فاليوم، أصبح من السهل وصول الطلاب إلى مصادر واسعة من محتوى الوسائط المتعددة والمتوافرة على منصات مختلفة مثل الحاسوب اللوحي، والهواتف المحمولة، والألواح الذكية، التي باتت تشكل جزءاً لا يتجزأ من الطريقة الذي يعتمدها أي طالب ليحصل على المعلومات.
وأضاف: «أن عدداً كبيراً من أساليب التعليم المبتكرة في المدارس على مستوى الدولة، أثبتت نجاحاً منقطع النظير ومنها «برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي»، الذي أصبح مثالاً على ذلك النجاح، فهو مبادرة ذكية تهدف إلى الارتقاء بالنظام التعليمي في المنطقة، حيث قام أكثر من 25 ألف طالب ينتشرون في 150 مدرسة بالمشاركة فيه.
توسيع عالم التعليم
أوضح أحمد أمين عاشور مدير القطاع التعليمي الإقليمي في شركة «مايكروسوفت»، أن مبادرة التعلم الذكي في الإمارات تؤمن أن القدرة التنافسية في الدولة تعتمد على نظام تعليمي قوي، ونحن في مايكروسوفت نتشارك معهم في نفس الرؤية، ولقد دخلنا في شراكة مع الحكومة لتجهيز الفصول الدراسية بويندوز 10 والأجهزة التي تعتمد تطبيقات التعليم وتمكين العمل باللمس بشكل مرن جداً مثل ميكروسوفت وورد، مما يجعل الفصول الدراسية تحتوي على تجربة بديهية، وأكثر تفاعلية.
وأضاف أن مايكروسوفت قدمت التزاماً طويل الأمد بالعمل مع المدارس والمعلمين في دولة الإمارات لتوسيع عالم التعليم من خلال التكنولوجيا، و نسعى بكل جهد لدعم تطوير نظام التعليم في الدولة، الذي يسمح بدوره للطلاب بالدخول في عالم التعلم الذكي والاستفادة من الحوسبة السحابية والأجهزة المحمولة والتطبيقات الرقمية، لافتاً إلى أنها استطاعت من تمكين 2000 معلم، من خلال شركائنا في مبادرة التعليم مع وزارة التربية والتعليم كما تهدف إلى توسيع ذلك العدد إلى 15000 معلم إضافي، وذلك من خلال برنامج التعلم الذكي.