كشفت نتائج دراسة علمية حديثة، أعدها مجموعة باحثين في كل من جامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة الشارقة، ومعاهد علمية حكومية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن حقائق جديدة حول آثار فيروس كورونا المستجد على العادات الغذائية والنشاط البدني والنوم والتوتر وأنماط الحياة على سكان 18 دولة عربية.
أكدت نتائج الدراسة، أن «كورونا» تسبب في تهديدات خطيرة على صحة وحياة الأفراد على مستوى العالم، وإحداث تغيرات في نمط الحياة، وأسهم في قلة النشاط البدني، والعديد من المشاكل النفسية، وشددت على أهمية، زيادة الوعي المجتمعي حول العادات الغذائية الصحية، وتدابير السلامة العامة، وأهمية النشاط البدني، وآليات تخفيف التوتر النفسي.
ظروف غير اعتيادية
وخلال مكالمة هاتفية، أكدت الدكتورة عائشة سالم الظاهري الأستاذ المشارك بجامعة الإمارات، ل«الخليج»، أهمية إجراء تلك البحوث، لاسيما في الظروف غير الاعتيادية، إذ تسهم في بناء استراتيجيات للحماية والعلاج والحد من الانتشار من خلال التثقيف الصحي والتغذوي التي تقوم على أسس علمية.
وحول آليات التنسيق بين الجامعات الثلاث، أفادت بأنه تم تشكيل لجنة بحثية لدراسة الوضع التغذوي والنشاط البدني لسكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ترأس الفريق البحثي الدكتورة ليلى الشيخ إسماعيل والدكتور طارق العسيلي من جامعة الشارقة والدكتورة عائشة الظاهري من جامعة الإمارات والدكتورة كارلا حبيب من الجامعة الأمريكية ببيروت والدكتورة سمر الفقي من منظمة الصحة العالمية وعدد من الباحثين من المعاهد الأكاديمية في المنطقة، حيث تم تطوير الأدوات البحثية المستخدمة في البحث من قبل الفريق البحثي من خلال عقد العديد من الجلسات النقاشية عبر المنصات الإلكترونية.
وفي تعقيبها على إمكانية الاستفادة من النتائج البحثية، أكدت أنها تسهم في تنشيط آليات الاستعداد والاستجابة لحالات الطوارئ للحد من مخاطر الفيروس، وكيفية التعامل معه، لاسيما أن الدراسة بينت ضرورة زيادة الوعي المجتمعي حول العادات الغذائية الصحية وتدابير السلامة العامة والنشاط البدني وآليات تخفيف التوتر النفسي.
من جانبها أكدت الدكتورة أمينة المرزوقي القائم بأعمال عميد كلية العلوم الصحية جامعة الشارقة، أن «كوفيد ١٩» من الأوبئة ذات النطاق الواسع في سرعة التفشي، فمن الضروري أن تخضع تلك الجائحة إلى البحوث العلمية، للكشف عن ماهيتها ومسبباتها وآثارها، لبناء استراتيجيات للحماية والعلاج والحد من الانتشار من خلال التثقيف الصحي والتغذوي التي تستند إلى أسس علمية.
وحول أهمية النتائج، أكدت أنها مهمة جداً في تنشيط آليات الاستعداد والاستجابة لحالات الطوارئ للحد من مخاطر المرض وكيفية التعامل معه، موضحة أن تلك الأزمات تعد مشكلة تؤثر في النظام الصحي في كثير من الدول، فقبل الأزمة، كان التركيز على الخدمات العلاجية قبل الوقاية، ومع مجيء الجائحة، تأخذنا الضرورة إلى التركيز على توعية الفرد وتعليمه كيفية الاهتمام بصحته وأساليب تغذيته والوقاية من الأمراض كافة.
دراسة موسعة
وفي قراءة ل«الخليج» أظهرت نتائج الدراسة التي استهدفت 2970 شخصاً، وحصلت «الخليج» على نسخة منها، شاركوا إجاباتهم عبر استمارة إلكترونية تم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رافقتها دراسة موسعة أخرى خاصة بالإمارات شارك بها 1012 شخصاً بالغاً، أن نسبة الأشخاص الذين لا يعقمون مشترياتهم في الإمارات حوالي 11.2%، مقابل 14.1% من المشاركين في دراسة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حين بلغت نسبة المشاركين من الإمارات الذين يعدون قائمة مشترياتهم قبل الذهاب إلى التسوق 80.3%، مقابل 76.4% في باقي الدول المستهدفة.
وبينت أن أكثر من ثلث المشاركين في الدراسين، يقضون أكثر من خمس ساعات على الأجهزة الإلكترونية، حيث يمضي 47.6% من المشاركين في الإمارات أكثر من خمس ساعات يومياً بغرض الدراسة أو العمل، مقابل 36.2% يقضون المدة ذاتها بغرض الترفيه خلال فترة انتشار الوباء.
في المقابل سجلت الدراسة نسبة 35 ٪ من المشاركين في الدول المشمولة، يقضون أكثر من 5 ساعات يوميًا على الكمبيوتر لأغراض الدراسة أو العمل، مقابل 38 ٪ بغرض الترفيه.
الأوزان
وأوضحت الدراسة أن31% من المشاركين في الإمارات، ازدادت أوزانهم منذ فترة تسجيل أولى الإصابات، في حين أن نسبة 20.9% نقصت أوزانهم، مقابل 40.1% حافظوا على أوزانهم، بينما لا يعلم 9.7% إذا طرأ أي تغيير على أوزانهم.
فيما أفادت النتائج بأن 30.3% من المشاركين في الدول الأخرى، ازدادت أوزانهم خلال انتشار وباء كورونا المستجد، ونقصت أوزان 16.9% منهم، بينما حافظ 43.9% على أوزانهم، فيما لايعلم 8.8% من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة إذا طرأ أي تغيير على أوزانهم منذ بدء انتشار الفيروس.
الوجبات الغذائية
وعلى مستوى شرب كميات المياه اللازمة، وجدت الدراسة أن 72.2%، من المشاركين بالإمارات، يستهلكون أقل من 8 أكواب يومياً خلال فترة انتشار الفيروس، مقابل 74% من المشاركين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأشارت الدراسة إلى ارتفاع عدد الوجبات الغذائية المستهلكة يومياً عند الأفراد بكل من الدراستين، مقارنة بالفترة التي سبقت انتشار الفيروس، حيث ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يتناولون خمس وجبات أو أكثر يومياً في الإمارات من 2.1% إلى 7.0%، مقابل 2.2% إلى 6.2% بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
النشاط البدني
لوحظ في الدراستين، ازدياد نسبة الأشخاص الذين لا يقومون بأي نوع من النشاط البدني، حيث بلغت نسبتهم في دولة الإمارات من 32.1% إلى 38.5%، مقابل 34.9% إلى 39.1% في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أشارت النتائج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أن 39.7% من المشاركين يشعرون بالتوتر في معظم الأوقات خلال فترة انتشار الوباء، بينما يشعر 37.7% من المشاركين في الإمارات بالتوتر في معظم الأوقات خلال الفترة نفسها.
وعلى الرغم من انخفاض نسبة المشاركين الذين تبلغ أوقات نومهم أقل من 7 ساعات لكل ليلة من 51.4% إلى 39.0% في الإمارات، و51.4% إلى 36.6%، في باقي الدول، إلا أن نتائج الدراسة بينت أن 29.2% من المشاركين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و28.1% من المشاركين في الإمارات، يعانون سوء نوعية النوم أثناء فترة انتشار الوباء.
تقنيات الطبابة
أوصت الدراسة بضرورة تقديم استشارات صحية وغذائية ونفسية أثناء فترة انتشار الوباء عبر تقنيات الطبابة عن بُعد لدعم الفئات المحتاجة، فضلاً عن أهمية إجراء دراسات بحثية مستقبلية لتقييم تأثير جائحة «كورونا» على جوانب أخرى من الحياة، لاسيما الصحة النفسية والعقلية لجميع الفئات منذ الإغلاق قبل تسعة أسابيع.
تقديم المشورة
أكدت الدكتورة أمينة المرزوقي، أن فيروس كورونا تسبب بتهديدات خطيرة على صحة وحياة الأفراد عالمياً، لذا أوصت النتائج بضرورة توفير وتقديم المشورة الصحية والغذائية والنفسية أثناء فترة انتشار الوباء لأفراد المجتمع من خلال تقنيات الطبابة عن بُعد لدعم فئات المجتمع، مشيرة إلى أهمية بناء منصات إلكترونية موثوقة لتقديم مثل هذه الاستشارات.